الاثنين، 31 أكتوبر 2016

خاطرة بقلم الأديب والشاعر حيدر وطن ....سورية/سلمية

عندما تحلم العصافير..!!
******************
أولا: عذرا من الصديقة التي كانت السّبب في كتابة هذه المشاركة،والتي  شاركتني في جزء من  الحوار الذي دار بيننا في بدايتها، ثم أكملتها كما أحبّ لها أن تنتهي،عذرا منها، لأني لم آخذ موافقتها عن المقطع التي شاركتني المحادثة فيه.ولكنّني أمين على عدم ذكراسمها،أو الإشارة إليه، ولو من بعيد.
ثانياً: عندما تحلم العصافير..!!
قلت :كيفك حالك..؟؟  وماهي آخر أخبارك..؟؟
  أجابت:أنا بخير  لكن.. حزينة على  هذه اﻷخبار، كل نهار تفجير، والله رح نوصل لدرجة نفقد اﻷمل بالمستقبل،  أحسّ بحالي  أنّني أعيشي بلا مستقبل،أعيش بضياع..!! وتابعت:ونافذة الدردشة تنقل أخبارها الحزينة.
كنت قبل اليوم،  أحلم ماذا أريد  أن أسمي أوﻻدي..؟؟ وكيف  أريد أن أربيهم ، وكيف سأحملهم بين يديّ،  الآن حتى الحلم ماعاد فينا نحلمو..!!
قلت،  وأنا أحاول أن  أهدىء شيئا من روعها :
لابأ س عليك ، طمنينيي عن  أحوالك،أما مايحيط بنا من أهوال، فهو ليس من صنع أيدينا،ولا دورلنا في دفع أخطاره إلا بالتوعية والتحذير..!!
قالت :كيفك أنت طمّني عنك..؟؟
أجبت :أحوالي كبقيّة الناس، شمس تشرق، وشمس تغيب،ولا شيء جديد تحت سقف الشمس.. إلا أن  النار التي تحرق الوطن، يزداد أوارها يوما بعد يوم..!! لاأحد يصبّ عليها الماء، الكلّ يصب عليها الزيت..!!
قالت : يعيننا الله، علينا أن نصبر.ثُم أكملت:ولكن...حقيقة ألا يحقّ لنا أن نحلم..؟؟

قلت:فكرّت العصافير يوما أن تحلم، فغفت على فنن الأشجار ،جاء  قنّاص ماهر من الصيّادين فرآها نائمة، فاقتنصها واحدا وراء الآخر، ومضى في طريقه،غبر آبه لأحلامها الصغيرة...!!
ومن يومها توقفت العصافير عن عزف موسيقاها الجميلة،ويبست أغصان الأشجار حزنا على أصدقائها العصافير التي توقفت عن الغناء.
قالت: كم كنت أحلم أن أكون عصفورا يطير من غصن إلى آخر،يقف عند نافذة مريض، يعزف له لحناً شجيا،ً ليدخل البهجة والسعادة إلى قلبه السّقيم،أو أبني عشي على شرفة نافذته، أحتمي بها من عواصف الطبيعة، وغدر الإنسان الذي يتربّص بي في كلّ صباح.
قلت: حلمك رومانسي، جميل،ولكن لاينطبق على واقعنا المتردّي يوما بعد يوم.
قالت: أحلم بوطن المحبّة والسلام،وطن لا عنف فيه،ولاتفرقة،بل وفاق ووئام ثم أضافت: لعلّ الصبر ينفع في مثل هذه الظروف التي يمرّبها وطننا..!!
قلت:صبرنا حتى ملّ الصبر منّا،أما لهذا العنف الدموي من نهاية، أصبحت أخبار القتل عندنا مسلسلات يومية ،يتابعها العالم على المحطات الفضائية،وعلى صفحات الانترنت،أما لهذا النّفق المظلم من نهاية؟؟
قالت: حتى الهدنة التي أعلن عنها مؤخراً،ولدت ميتة..!!ثم تابعت العالم يريد أخبارا ساخنة،ولا يوجد اليوم أسخن من أخبار الصراع الدموي الجاري في وطننا المنكوب.
قلت:  أصبحنا في حمّام حار، الداخل إليه مفقود،والخارج منه مولود..!!
قالت: قتلوا فينا الحبّ ،وزرعوا مكانه الحقد، والكراهية، والثارات، فإلى متى يظلّ مسلسل الثارات الجاهليّة يجري دمه في عروقنا..؟ نريد لعصافير بلادنا أن تطير بحرية،وتحلم بحرية,وتبني أعشاشها في أحضان الطبيعة دون خوف أو وجل..!!
أصبحنا نتمنّى أن ننام بهدوء،لايزعجنا صوت تفجير، أو إطلاق نار..!!
قلت : أرى أبطالا لمعارك اليوم،هم غير أبطال الماضي،لا أرى أثرا لخالد بن الوليد،أو يوسف العظمة،أو ابراهيم هنانو وهم يخوضون غمار معاركهم المشرفة من أجل نبذ العبودية، وتحقيق حرية الوطن وكرامته.  واليوم،لاأرى إلا سيفا مسلّطا على رقاب العباد يقول:إما أن  تتوقف العصافير عن التغريد أو نقنصها واحدا تلوى الآخر.
قالت:  ماذنب الطيور حتى تذبح..؟؟
قلت: ياصديقتي..!! أصبح الذبح عندنا ليس له جنس   أو هوية، أو انتماء،و برأيي أخطر الحروب، ماجرى فيها الذبح من أجل الذبح...!!
تنهدّت صديقتي ،وسمعت صوت تنهيدتها من نافذة الدردشة على الرغم صمتها المخيف المطبق.
وقالت أين الوطن من كلّ ذلك..؟؟ألم يفكروا من يبنيه إذا  ماقتلوا الحياة فيه..!!
ماذنب أجيال المستقبل،حتى تستلم الوطن منهم   جثة هامدة..؟؟
قلت: الوطن أصبح سلعة تباع وتشترى في سوق خضار..!!
الكلّ يقاتل، ويقتل في سبيل امتلاكها ،ولكن الوطن بريء من تجارتهم، ومن كلّ التجار..!!
قالت:مضى الصيف، وجاء الخريف ،وتغيّرت أنواء الطبيعة،ولكن يبدو أنّ أعداء المحبّة والإنسانية، يزدادون عداء مع تغيّر الفصول..!!
قلت: ليس للمحبّة أعداء،ولكن من يشعل نار فتنة ولا يطفئها، يزرع بذور الكراهية في تربة ،لايريد لها أن تنبت غير الكراهية والشر. حتى ولو كانت مزروعة من أجل المحبّة في تربة الوطن..!!
قالت:ما أشدّ قساوة قلوب البشر،يقتتلون من أجل أن يسود بعضهم ،ولا يعلمون أنّه لاسيادة باقية غير  سيادة الوطن..!!
ثم قالت: إلى اللقاء غداً..فعسى أن يكون الحال غداَ  أفضل،وعسى أن   نسمع زقزقة العصافير على فنن الأشجار دون أن يقتنصها أحد.تشدو وتغني للوطن بمحبّة، وحريّة، وأمان. تشدو للسلم الأهلي،والسّلام. في وطن ينشد السّلام.
ثم مضى كلّ  منّا  في اتجاه،مضينا في دروب الضياع ،لانعرف   إلى أين أرادوا لخطانا أن تطأ في البداية،وإلى أين سوف تقودنا في  النهاية ..؟؟

حيدر وطن
سورية/ سلمية
29/10/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق