دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ (أدبُ المخاطبة) :
قالَ تعالى (عبسَ وتولّى * أن جاءهُ الأعمى * وما يُدريكَ لعلّهُ يزّكّى* أو يذّكّرُ فتنفعَهُ الذّكرى) عبس الآيات 1،2،3،4.
نجدُ في هذهِ الآياتِ الكريمةِ أنَّ الخطابَ تحوّلَ من الماضي (عبس وتولّى أن جاءهُ الأعمى) إلى خطابِ الحاضرِ (وما يدريكَ لعلّهُ يزّكّى ) فما السّرُّ في ذلكَ؟ وقبلَ الأجابةِ نذكرُ سببَ نزولِ هذه الآياتِ لتَتّضحَ الصّورةُ أكثر، ذكرَ المفسّرونَ أنّ أبنَ أمِّ مكتومِ الأعمى جاءَ إلى النبيِّ عليهِ السّلامُ وكانَ جالساً إلى زعماءِ وصناديدِ قريشٍ يدعوهم إلى الإسلامِ فقالَ لهُ : يارسولَ اللهِ علّمني ممّا علّمَكَ الله.
فكرهَ النبيُّ حضورَهُ في ذلكَ الوقتِ وحوّلَ وجهَهُ عنه (والأعمى لايراه) لأنّهُ كانَ يطمعُ في إسلامِ زعماءِ قريشٍ وبإسلامِهم ربّما يُسلمُ ناسٌ كثير، فأنزَلَ اللهُ عليهِ هذهِ الآياتِ يعاتبُهُ فيها على ذلكَ ولكنْ بهذا الأسلوبِ الجميلِ في الخطابِ (العتابِ بشكلٍ غيرِ مباشرٍ بصورةِ خطابِ الغائب) فانظرْ إلى أدبِ المخاطبةِ الّذي ينبغي على كلِّ مسلمٍ الإقتداءُ بهِ في كلامِهِ وتصرّفاتِه وهذا هو السّرُّ في تحويلِ الخطابِ منَ الماضي إلى الحاضر وسبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلما
المهندس خليل الدولة
31/3/2017م
العراق الموصل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق