الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

خاطرة بقلم الأديب والشاعر الأستاذ حيدر وطن...سورية/سلمية

عاطفة من حجر..!!
***************
قالت لي، وبعد غياب طويل..أين أنت..؟؟

إما  أن تريد أن  تتحدث بشكل دائم،أو تنقطع  فلا تتكلم مطلقا..!!

قلت: وكأنها تلومني..وهي التي أغلقت نافذتها أمام كلّ نسمة هواء كانت تهبّ من جهتها..ألم تسمعي ، وكأنك غير موجودة في ذاكرة الأيام،أو كأنك  عاطفة من حجر: أنا أتذكر كلّ لحظة مرّت عليّ، وماذا أذاقني غيابك من عذاب..؟؟ وغيابك عني، شغلني بهموم كبيرة ،وقضايا  مروعة ،وأنت مشغولة بصديقاتك وأقربائك..نسيت فيها حتى اسمي،وأنا مرمي في المنفى بعيدا عن  مشاعرك الجامدة ، دعيني أحدثك، ماذا شغلني في غيابي عنك..؟؟ وماذا روعني حتى نسيت اسمي،الذي مؤخرا لامس  عواطفك المتجمدة  وذكرتني به، ياناسية الحبّ والذكرى ..!!

أولا دعيني أحدثك ماذا قال بالأمس  كبير موظفي البيت الأبيض..!!
  ابن الزانية(دينيس) ،يريد للحرب في سوريا أن تستمرّ لأن في ذلك مصلحة الولايات المتحدة، هكذا عبّر كبير الموظفين متجاهلا معاناة الشعب السوري الذي أصبح بلا مأوى، ولا طعام، عدا عن دفن الكثيرين منه  تحت الركام، ومنه من  ينتظر دوره بالخطف،أو القتل على دروب مجهولة الهويات  ،والاتجاهات..!!
ألم تسمعي ياذات العاطفة   المتيبسة، وكأنها من حجر صوان ، بصديقي الذي خطفوه بالأمس، واستضافه  الخاطفون الأشرار لمدة شهرين تقريبا، أذاقوه فيهما  مرارة العلقم ، ومارسوا عليه ذروة حقدهم،  وأذاقوه  شتى أنواع العذاب الذي لايتحمله بشر..!! قطعوا عنه الدواء ،والطعام، والحمام،وحتى الذهاب إلى قضاء حاجة..!! وقيدوه بالحديد، حتى أكل من لحمه، وعظامه، وعندما  أخذوا الفدية الباهظة من أهله ،رموه  في الخلاء كما يرمون كيسا من تبن ،أو  تراب ..!! فهل هذا الإجرام الذي تعرض له صديقي، يجعلني أتذكر من نسوني..!!

ثم ألم تسمعي، بمن يأكلون لحم الكلاب ،والقطط في الغوطة الشرقية ، بعد حصارهم حصارا ،قطع عنهم حتى نسمة الهواء،و كيف سخطت، وندّدت المنظمات  الدولية الإنسانية  لما تعرض، ويتعرض له المهاجرون السوريون في بلاد الغربة من إذلال وإهانة، يندى  لها جبين الإنسانية.. ولكنّ تنديدهم ضاع في مهبّ الريح،ولم يسمع صراخهم أحد ممن يسمّون أنفسهم بالعالم الحرّ..!! ضعوا إنسانية العالم الحرّ في مزبلة التاريخ..!!

ألم تسمعي بالمهاجرين السورين الذين أرادوا أن يطئوا السواحل الأوربية بأقدامهم ،فلم يسمح لهم البحر الغادر بالعبور، وكأنه متفق مع ساسة أوربا ،وأمريكا أعداء الإنسانية، وحقوق الإنسان..!!

غرق المغامرون المهاجرون، وأصبحوا طعاما في عرض البحر لسمك القرش.. وبعد ياحبيبتي عاطفتك المتجمدة تطاوعك، وتلومينني على غيابي عنك..؟؟
وجهي اللوم إلى من كانت لاتجيب على أية رسالة ،او وسيلة من وسائل الاتصال، بينما أنا أحاول عبثا أحاول، وأجرب..!!كنت تعيشين في عالمك بعزلة تامة، أو في برج عاجي عن العالم..بينما كان العالم يغلي في داخلي، ويفور ،حتى أصبحت روحي  بلا نجوى، ولا شوق، ولا حبّ..إلا حبّ  مساعدة المظلومين والمغبونين ،لأن ما يحدث حولي من جحيم  إنساني، أنساني كلّ شيء ..إلا الإحساس بحجم معاناتي في غيابك ،والذي هو جزء من معاناة شعبي التي  تزيد يوما بعد يوم، كما هو حبي لك..ياغائبة عني، وعن الشعور بآلامي، وآلام الناس..وبعد هذا تعاتبينني، وكأنني أنا المقصر..!!أو أنا الذي سبب لنفسه، وللأبرياء العذاب..بل الموت..لآن حياة في ظل المهانة، والذل ، لامعنى لها ،بل الموت أهون منها..!!

وأخيرا ربما أراك، ولا أتذكرك ،فلقد مسحت معاناة شعبي كلّ شيء جميل من ذاكرتي..فكيف أتذكر من كان  سببا  في  معاناتي، ومعاني أصدقائي في الإنسانية، والوطن..ومن كانت عاطفتها نحوي، ونحو الآخرين من حجر..!!

بقلم :حيدر وطن
سورية/سلمية
24/10/2013/م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق