أعلن بيعتي للشعراء لأمارس جنوني بدون وصاية في مملكتهم السعيدة
ولابحر في اوديتهم فهي بلا ضفاف فقد سلبتني غوايتهم ،فمعذرة !!!!!!!!
خواطر وقراءة : في تلافيف قصيدة **
بقلم : الأستاذ صالح هشام / المغرب
كتابة قصيدة : للشاعر فاضل حاتم **
أصرخ يا شاعر أصرخ لا تخف كبت صراخك فأنت حر طليق . ما بالك وبحور الشعر إنك لم تعد طوعا لها ألم تعلن عليها التمرد والعصيان كما فعل غيرك من الشعراء الذين تمردوا على هذه البحور فلا الطويل طويلا و لا الرجز رجزا ولا الخفيف خفيفا ، اكتفيتم فقط بما تستعذبون من تفعيلات بسيطة تنشرونها هنا وهناك في جسد قصيدتكم ،ما بالك وبحور الشعر ، ما دام مداك ، إيقاعك ،ودفقتك الشعورية المتحكمة في بناء قصيدتك وتكوينها حتى على مستوى التشكيل البصري ،ألم تكن هذه البحور التي أعلنت عليها التمرد كما فعل غيرك تتحكم في تشكيل قصيدتك ،إذ كانت هذه البحور تفرض عليك الخوف من الفراغ ،فها أنت اﻵن حر ،متحررحرية عصفور يعانق الخواء تفعيلاتك شجعتك على عدم الخوف من الفراغ ، لاحظ أن تمردك على بحور الشعر ،جعل بياضك يستحوذ على سوادك ،،سوادك ضعيف ، عاجز عن اكتساح هذا الفراغ كما كان في القصيدة التي احترمت بحور الشعر وخضعت لقوانين الخليل ، فهل لخوفك من مبررات يا شاعر .لقد تحررت من بحور الشعر ، لم تعد تقيدك لقد كسرت قيدك وأعلنت نفسك ملكا للحرية وملك اﻹبحار في متاهات اللغة ، لم تعد مكبوتا ،كما يتبادر إلى ذهنك ، أتعرف لماذا أعلنت العصيان شاعري على الفراهيدي ؟؟ سأبين لك ، الفراهيدي ، وضع قوانين شعره ، وألزمك باحترامها لكنها كانت تشدك إلى اﻷرض كالجاذبية ، وتمنعك من التحليق في عالم تريد أن تفصله على مقاسك وأن تعيش فيه لوحده ولن يلجه إلا مجانين الشعر ، أتعرف أنك تحب أن تمارس جنونك ، وأنت تعرف أن الجنون والقوانين خطان متوازيان قرمزيان لا يلتقان ابدا ، ففضلت أن تبحر في مجاهيل اللغة بلا مراكب ولا مجاذيف ، لأن لغتك سيدي لا تخاطب إلا نفسها ويقتات صمتها من صمتها ،وتتمرد على أية وصاية ، ممارسة الجنون اختراق وعبور ، لعالم الحقيقة العارية والجذابة عري حسناء في ليلة مقمرة تنعكس على جسدها هالة القمر ، من اعترض على إبحارك هذا ما دمت فضلت لغة الجنون !؟ هذا أنت تعترف بأن الشاعر حين يسكر ينبت في طريقه فوضى العشق ،ها أنت تقولها ولم يجبرك أحد ليس مسكرك نبيدا أو خمرا وإنما جنونا ، وعشقك الفوضوي تجاوز لأية كوابح جنونية تحول عشقك إلى بحر بلا شطآن ، تعلن العصيان عن العقل ، فتعشق بكل حرية وبدون قيود ، لكن وازع اللوغوس من حين لآخر ينقر على تلافيف دماغك فتعتقد أنك تمارس عشق الفوضى والعقل لا يحبذ نوعا من العشق كهذا ،ها أنت ياشاعر تكتب القصيد فتسكر وتثمل ،وتخاف كبتك ، بحور الشعر شاعري لا تستقيم وأنت تنتشي بجنونك ، وأنت تلبس الشعر صراخك قرمزيا ،وترمي حزنك في نهرك وتتخلص من كينونة يفرضونها عليك ،وتهيم على نفسك عاريا مماذا من اللباس ؟! من القوانين والقيود ؟! مماذا إذن ، لقد قلتها ، ترمي في النهر كل ما خلقوه من قيود تدمي منك القدم والمعصم كما تشق منك تجويف القلب . لأن هذه القيود حاربتها منذ القديم ،ألم يكن انزياحك للجنون سببا في طردك شر طردة من جمهورية أفلاطون ،لأن لغتك أيها الشاعر لغة مجازية تجمع في تركيب من تراكيبها المؤتلف والمختلف فتؤلف بين قلوبها فتحصل مزية جمال الجنون ، تشوش على الحقيقة التي يفصلها العقل على مقاسه ، وأنت ترى أن الحقيقة تخرج من أفواه المجانين ،خرجتم - معشر الشعراء - من الجمهورية وتهتم على أنفسكم في الأودية واصبحتم تمارسون غواية الناس واصبحتم خارجين عن القانون ، وكل من يبايعكم ويتبعكم في جنونكم يعتبر خارجا عن القانون ! ،عبر مختلف الازمنة والعصور ،من عهد ارسطو الى القصيدة النثرية نكلوا بك أيها الشاعر ، واعتبروك مجنونا ،ونعتوك بالحمق فقط لأنك رفضت عالمهم المتخن بالجراح والنفاق والتزلف ، كل فسر جنونك بطريقته الخاصة ، فهذا نيتشه يعتبر لغتك نوعا من الجنون العذب ، حين تتحدث بها ترقص فوق جميع الأشياء ، أليس هذا الرقص جنونا ، فماا أنت إلا ذاتا مجنونة ، والذات المجنونة لا تفكر ، اذن فالذي لا يفكر لاموجود ، لأن التفكير هو الوجود ( أنا افكر إذن أنا موجود ) وجنونك لصيق بذاتك لا بالفكر ، ربما هذا سبب كاف ليمارسوا عليك كل أنواع الاقصاء ،والتهميش ، لكن لا يهمك فعالمك ليس عالمهم ، أنت تمارس جنونك وحقيقتك حقيقية ، وهم يمارسون شيطنة العقل التي تزور كل الحقائق ، فهي حتما ستخرج من فمك أنت المجنون !
ها أنت قلتها ، في حانات المدينة تستعيد جنونك .وبدون جنون يومك سيكون ثقيلا كغيم محمل بالمزن صرعتك أوهامك على قارعة الحلم النائي ، بروحك وأنت تكتب القصيدة ، لم تثمل بعد ، صحيح لأن ممارسة جنون الشعر شطحة لها نشوة كنشوة الخمر أو طرب الألحان ، تسري في جسدك كبرودة الموت ألى أن تستيقظ في دواخلك شهوة الهذيان وهوس اﻹبحار في عالمك الخاص ،وتصيبك غيبوبة الجنون ، فتولد القصيدة وقد سكرت ، وانتشيت ، بعبق جنونك كل هذه الكلمات التي تكون لحمة نصك ، وتومض وميض الحشرة المضيئة التي ينعكس عليها ضوء القمر ، بنات جنون ، فقصيدتك كلها ، بناء مجنون لكنه جنون له لذته ، كما يقول دريدا فكل آجرة تضعها في جغرافية حائط القصيدة مس من الجنون . من اﻵن أعلن انضمامي ألى عالمكم المجنون ، لأمارس جنوني بكل حرية وعلى هواي ورغبتي حتى لا ألزم بتظيف ادوات نقدية تفرض علي وليست من اختياري ، فأنا أيضا أكره اﻹبحار في مستغلقات جنونكم تحت الوصاية ، وصاية العقل/اللغوس الذي يستهدف تجريدكم من جنونكم وطمس معالم الحقيقة على افواهكم ، فأنتم الشعراء أجن الناس وأعقلهم وأصدقهم ، وأحكمهم !؟
بقلم صالح هشام
المغرب /الرباط
الاحد 27 مارس 2016
______________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق