مملكةٌ أخرى .. حضنُ أمِّي
_____________________
تطلُّ أمِّي جزيرةَ أمانٍ تتسللُ إلى أعماقِ روحي
وكل تنتشللها من بحرِ الضياعِ و تضمِّدُ جراحي التليدةَ ، في عينيها جيشَ أمانٍ يزلزلُ معسكراتِ الخوفَ التي تستوطنُ كياني كلَّما هاجمني الزمانُ أو اتسعتْ ألوانُ خيباتي ... و في بحرهما أساطيلُ قوةٍ لضعفي ترعاها النجومُ .
في خريفِ الحياةِ يداها ديمتانِ لا تكفانِ عن الهطلِ تُجهدان بالسهر، لاتعرفانِ الراحةَ ، ينبتُ في أخاديدهما عشبُ الحنانِ و تتفتحُ زهورُ الأحلامِ ، تستطيلُ أشجارُ الصبر ؛ لتصدَّ رياحَ البؤسِ والمرضِ كلَّما عصفت بأرضي
فراشتا فرح شفتاها تلبسانِ الدنيا ثوبَ البهاء
والدهشةِ ، فتضحكُ الدنيا وتتزينُ بكحلٍ أخضرَ
لاتهمس إلا : ( ياولدي فديتكَ عمري ) ( أنتَ عيدي و بستان وردي ) فتتقهقرُ جحافلُ الحربِ أمامَ عينيَّ . تقتاتُ الجوعَ حتى تمتلئ قواريري ، تشربُ العطشَ حتى ترتوي مساكبي ، تسامرُ الكرى حتى أغفوَ هانئةً ، عليلةٌ ضعيفةٌ حتى أتعافى و تختفي هالاتُ الحزنَ من جفوني المتعبةِ .
أمِّي ضاقت سواقي الحنانِ بها فانثالتْ شلالِ حبٍّ لايهدأُ في قلبي ، ينثرُ لآلئ الأمومةِ قصائدَ عنبٍ تارةً وتارةً تراتيلَ مَرْيَمَ ، ورأت الطبيعة صنيعها فضاعت لسهولها عقدَ زهرٍ وتقلدتْ في معصميها أساورَ الشجر
صارتْ سليلةَ أمِّي ورثتْ شمسها جينَ الضياءِ وأنهارها تهجَّتْ خطواتِ أمِّي في الطهر والجودِ
موصولٌ سخاؤها بالشهداء ، معقودٌ برها بالأنبياءِ
ماأبهاكِ أمِّي بشالِكِ العقيقِ ! تشبَّهتْ الروابي بكِ فعقدتْ على جيدها شالَ الثَّمرِ .
___________
مرام عطية
سورية حمص
الأربعاء، 21 مارس 2018
مملكةٌ أخرى .. حضنُ أمِّي / بقلم الشاعرة مرام عطية / سورية. حمص
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق