موجز تمهيدي مبسط لمفهوم فكرة ( التراكمية السببية )
ألية تفكير وتحليل شاملة :وصولاً ألى كونها
أسلوبأ كتابياً معرفيا تغييرياَ
*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بقلم : جاسم آل حمد الجياشي .. ج / أول
قد يفهم من يقرأ لنا حين نأتي على ذكر (التراكمية السببية) نقصد فيها أسلوباً كتابياً للشعر فقط بينما هي أوسع بكثير ، لذا توجب علينا إيضاح بعض جوانب تلك الفكرة والتي هي نحن على ثقة تامة بأن من سيتفهم ما نبتغي الوصول إليه من خلالها سيشاركنا بإنضاجها والإضافة لها وتطويرها ووضعها على شكل منهج تصلح لأن تطبق في الأجناس الأدبية الأخرى كونها لاتنحصر بالتراكم اللغوي المتعارف عليه كما تصور أو يتصور البعض من زملائنا الأعزاء جل احترامي لهم
كما أنها تصلح لأن تكون منهجا نقديا ليس أدبيا ً فقط ، بل يشمل جميع النواحي الفكرية والعلمية والأدبية لوجودنا الإنساني ، اجتماع ، فلسفة ، سياسة ، اقتصاد ، أدب، علم نفس ، قانون ، الخ وجميع العلوم الإنسانية الأخرى التي تتعلق بالعقل البشري والطبيعة التي من حوله ، لكننا طبقناها في الشعر كونه همنا الأول وكونه أيضا ، يحمل بين طياته جل ما أتينا على ذكره آنفاً، ولان الحاجة للمعرفة منذ وجود الإنسان هي الأساس الدافع، بالتالي تتحول هي إلى سبب مُنتِج سري ذاتي الحراك ، أختياري الإتجاه ، وبالتأكيد حين يكون حر الإختيار يكون إرادياً ، بالإضافة إلى كونه مُنتِجأ – فهو مُتَجْ مصدر إنتاجه وإرادته هوَ العقل البشري ، منُتجَهُ وعمليته الإنتاجية تتلخص بفتح باب السؤال ؟ مَن ؟ كيفَ؟ متى؟ أين؟ لماذا؟ لتتحول تلك الأسئلة أسباباً للمعرفة ! وبذات الحراك السري تتشظى متنامية تلك المعرفة لتنتج أسباباً أخرى ، ذلك التشظي المتنامي هو ما نطلق عليه هنا بالحراك السري الذي يُنتِج لنا كماً هائلا من المعرفة كونه أمتلكَ خاصية حرية الإختيار ! وحرية الإختيار تلك تمنحه وبشكل لايقبل الجدل سمة القصدية ! كون مصدرها العقل ، الذي اختار أن يسير بدروب المعرفة ، التي تتطلب منه البحث فيها ، أعمق / أبعد / أعلى / - هذه الابعاد توصيفات مجازية لما نود إيصاله في فكرتنا- فيكتشف أن هناك كائنا محسوسا غير ملموس هوَ الزمن ترتسم ملامحه من خلال دورة الحدثية ( الحدث ) من خلال الحاجة لتاريخيته – أي الحدث- بعد توافر السبب .
والذي اقتناه العقل من حدث الليل والنهار – شروق غروب + المواسم وظواهرها الطبيعية ، ليؤرخ عمر وكمية المعرفة التي حاول التوصل إليها .
من البديهي :
إن لكل حدث أول دافع يكون سبباً ، ولكل سبب مكوِن / ولكل مُكوَن مُكوِن / ولكل ذلك نتيجة / ولكل هذه الدورة سمات خاصة بها تحدد ملامح اشتغالاتها الزمنية كلٌ حسب خاصيته ومحدوديته الزمنية من عدمه .
زمن الدافعية / الفضول / الرغبة / الحاجة / زمن ظاهر مفتوح
زمن التكون / زمن محدود
زمن السبب / زمن محدود
زمن الحدث / زمن محدود
زمن النتيجة / زمن محدود
إذاً لدينا هنا الذي هوَ غير بديهي ،- زمن ما بعد النتيجة / زمن خفي مفتوح / التشظي التراكمي الخفي .
والذي نطلق عليه ، الحراك الخفي ، ذاتي الحراك ، اختياري الإتجاه ، وهو محور- التراكمية السببية-
ليأتي العقل البشري مبدعا وبداعي الدافع – الحاجة – وزمنيتها المتفاوتة ليخترع علم الحساب ، كإضافة لتراكميته ، مروراً بالدورة السببية التقليدية والتي سبق وأن سلسلنا سياقاتها الزمنية والوصفية ، من ثم تبدأ عملية إشتغال التشظي التراكمي الخفي ، والذاتي الحراك ،
*
مثال تقريبي :
ـــــــــــــــــــ
لو عمدنا لحساب عمر حضارة ما بدأت عامها الأول ، ثم يليها عاماً آخراً تكون النتيجة لدينا ، عمر تلك الحضارة
1 + 1 = 2 ، بيد أن الحقيقة عمر تلك الحضارة معرفيا هو ، 1+1 = 3 ، السؤال البديهي هنا ، من أين لنا بذلك الفائض أو تلك الزيادة الزمنية والعددية ؟؟
الجواب هوَ أنَ العام الأول ومن خلال النجاحات والمنجزات المعرفية التي تمت فيه فتحت أبواباً معرفية مشرعة لعام تلك الحضارة الثاني ، بذلك يكون اشتغال العام الثاني على تراكم النتائج والتي سيستثمرها العقل المُنتِجْ لها ، ولكي نوضح كيف سيستثمر العقل رأسماله المعرفي ؟!!،
علينا بتقسيم نتائج العام الأول إفتراضاً ، إلى نسب بعد تمريرها بدورتها الإنتاجية السببية وما يرافقها ويليها من حراك ذاتي خفي - لنفترض بأن المُنتَج المعرفي الذي تم في العام الاول ،
*
1- الدافع + الرغبة + الفضول = عوامل مكونة لسبب واحد هو الحاجة الملحة . من خصائصها أنها تتمتع بزمنية تراكمية مفتوحة غير محدودة إطلاقا ً، طالما أن هناك إنساناً على وجه البسيطة!
كما أن هناك زمنا تراكمياً مفتوحا آخراً هو زمن ما بعد النتيجة ، هو ذلك – التشظي التراكمي الخفي ، ذاتي الحراك ، بعد هذه الإشارة التي نراها ضرورية جدا ، علينا بتقسيم عام الحضارة الأول زمنياً ومعرفياَ ليتبين لنا واضحاً ، من أين أتت لنا تلك الزيادة العددية الزمنية في بداية مثالنا .
*
- تقسيم العام الأول
ـــــــــــــــــــــــــــ
ما تحقق كنتائج منجزة يمكن أن نصفها بالنجاح ، هو نسبة 60% خلال الستة أشهر الاولى .
30%، تحقق جزء من نتائجها خلال الأشهر الثلاث الاخرى من العام ، بنسب متفاوتة لم تنل درجة الشرف لأن تكون نتيجة ناجحة كاملة ! ، مع احتفاظها بنسب من النجاح ونسب من الإخفاق ،
و10% محاولات باءت بالفشل تماماً خلال ما تبقى من العام وهو ثلاث أشهر .
*
3- النتيجة
ـــــــــــــــــ
نظريا يبدو لنا أن لازيادة ولا تراكم حصل من خلال عملية التقسيم التي قمنا بها ، فعدديا إن قمنا بجمع عدد الأشهر سيكون مجموعها عام واحد ،
بينما إن أخذنا بعين الإعتبار مستوى تحقق الجانب المعرفي المتحقق (بسبب) – الحاجة الملحة الدائمة والتي هي مفتوحة زمنيا سنكتشف أن ما تحقق لايعادل عدديا ! عاما واحداَ ، وذلك من خلال تحقق قاعدة معرفية واسعة ترتكز على نتائج (منجزات) قد تكون فتحت أبوابا مشرعة لمنجزات أخرى أكثر تطورا وأسرع تحققا من الناحية الزمنية ، بالإضافة فارق زمني ومعرفي أخر وإن كان جزئياً من خلال النتائج غير المكتملة والتي تحتفظ بخاصية جزئية نجاحها ، تضاف للفارق الزمني والمعرفي الذي سبقه ، هذا بالإضافة لفارق زمن المحاولات التي أخفقت ، هنا سيعمل وبشكل رئيس رغم كونه عاملا مساعدا لكن لايرضى إلا أن يكون عاملا رئيسا ، واكتساب رياساته وانفتاح زمنيته تلك من خلال اقترانه بالسبب الأول (الحاجة ) وانفتاح زمنيتها ، وهو التشظي التراكمي ، دائم الحراك ، حر الإختيار ، والذي هوَ مُنتَج ، ومُنتِج في ذات الوقت ، فمن خلاله تتم الإضافة الزمنية والعددية التراكمية ،وللتاكيد على دوره الرئيس الخفي ، نجده يتمحور بالاسئلة ؟ التي ينتجها العقل البشري ذلك المستثمر الرائع لغرض استثمار رصيد رأسماله المفتوح زمنيا .
ولنستمر ولو قليلا في عامنا الأول من تلك الحضارة استكمالا لمفهوم الإضافة التراكمية وسرية اشتغالاتها!!
*
الاسئلة
ـــــــــــــــــــ
بما أن هناك منجزات ( نتائج ) سواء كانت ناجحة ،أو حققت نجاحا نسبياً، أو إخفاقات ( بدايات غير ناجحة ) سيكون لزاما وبحكم حاجة التطوير ، سيكون لزاما على تلك الحضارة البحث ، عن كيفية تطوير ما أنجز ، ,وأين الخلل؟ في تلك التي تحقق جزء من نجاح فيها والجزء الآخر فشل ، ولماذا حصل الخلل ؟، ومتى حصل الخلل ، كل ذلك يجري لأجل تحقيق منجزات ( نتائج) بشكل زمني معرفي مختزل ، كونها امتلكت تراكم خبراتي ، إذا ستدخل تلك الحضارة الوليدة عامها الثاني وهي مزودة بمنجزات عمرها عام وخبرات عمرها نصف عام ، وحين تعمل العام في عامها الثاني متمترسة خلف خبرة معرفية أمدها عام ونصف سابقة ، ستُطبَق عليها نفس العملية التراكمية ويكون لديها في نهاية عامها الثاني ثلاث أعوام وأكثر كزمن معرفي ! بل سنذهب أكثر من ذلك قليلا ونقول أن تلك العملية ستذهب نحو المتتالية الهندسية تراكميا ! وما يجيز لها ذلك الأمر هو ذلك التشظي الخفي التراكمي ، وانفتاح زمنه من خلال انفتاح زمن الحاجة .
والدليل القاطع على ما ذهبنا إليه هوَ ، أن هناك وعبر التاريخ البشري حضارات امتد عمرها مئات السنين لكنها حققت منجزات معرفية تتعدى بكثير عمرها المحدد عددياً ، كونها تجاوزت عمرها من خلال زمنها المعرفي المُتحقق !! كما يتوجب علينا أن لاننسى تأثير التشظي التراكمي الخفي والمعلن عن طريق التلاقح الفكري مع ما سبق من حضارات أو ما جاورها، فلم يثبت العلم للآن ولم يُقر تاريخياً، بأن هناك حضارة نشأت من فراغ !
بقي أن نشير إلى قضية مهمة جدا ، وهي أن تلك العملية ( التراكمية السببية ) عملت هنا في مثالنا وطرحنا وتمهيدنا لها ، على الجوانب البنائية للمعرفة وهي الجوانب الإيجابية .
لكن هناك سؤال غاية في الأهمية يطرح نفسه خصوصا على المعنيين بالأمر وهم المثقفين ، والسؤال هوَ ؟؟
ماذا لو أن تلك (التراكمية السببية )عملت وهي عاملة الآن ذاتيا وقصديا لهدم المعرفة وتجهيل الإنسان والأمم وإلغاء حضاراتها بل ومحاولة رميها خارج التاريخ البشري ، بشكل منظم ،وهوَ ما يحصل لنا كأمة ، ألا يكون الجواب لدينا بأننا سائرون لاريب نحو كل هذا وغيره ؟؟!!
من هذا السؤال ؟ المريب والمُستَفِز ستكون انطلاقتنا لشرح كيفية استثمار العقل، لأمة انتجت حضارات كبرى ، بانتهاج أسلوب كتابة شعرية تلمُ بجميع الأسباب الذاتية والموضوعية ، المحيطة بنا ويحدد مواطن الضعف في تركيبتنا الآنية لردم تصدعاتها ، التي آلت بهذه الامة
إلى هذا المآل ، ويؤشر على مواطن قوتها المعطلة .. وسنتناول في الجزء القادم من بحثنا التمهيدي هذا، أسلوبنا الكتابي الشعري المنبثق من آلية تفكيرنا التراكمية السببية والتي تعتمد رفض الإستسلام للثوابت والمسلمات والثوابت المعدة مسبقا التي يتعامل معها البعض على أنها مقدسات لايجوز المس بها ، وسنضع أمثلة لوسائل تعبير تتجاوز تلك المسلمات مؤمنين بأن لافكرة إنسانية وضعية مكتملة غير قابلة للإضافة والتطوير والتحديث وحتى الحذف والإستبدال، خصوصا إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن الأمم ، والشعوب ، والأفراد ما هم إلا ناتج وعي معرفي تلاقحي تم عبر مراحل بما فيها شعرنا العربي القديم ، فلو أجرينا بحثا بسيطاً لانحتاج فيه إلى التعمق سنثبت ذلك الأمر ، أكرر ما قلته آنفاً ( لافكرة إنسانية ولدت مكتملة !) وهذا الإيمان يدفعنا باتجاهين الأول هو! استثمار حاجتنا الماسة لتطوير أدواتناالتعبيرية ووظائفها ، كيما نستطيع اللحاق بحركة التاريخ ذاتياً ، و عدم الركون للامبالاة والإستسلام بدافع الغرور الكمالي ، بينما نتعرض وبشكل ممنهج لعملية إلغاء تام لنا موضوعياً ، ختاماً : تحياتي وإكباري لكل عقل يتمتع بحيوية المرونة وتقبل الآخر دون الإرتكاز على - شيفونية - الأنا المرضية الفردية أو الجمعية .. يتبع
جاسم آل حمد الجياشي
العراق بغداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق