الثلاثاء، 3 يناير 2017

خاطرة بعنوان { همسات للموت } تأليف الكاتب جمال أبو ريا /فلسطين/الجليل/سخنين

همسات للموت...

لك كلّ الألق أيّتها الحياة التي أرضعتنا حليب الإنتظار وأطعمتنا كلّ ألوان الفَقد، دُمتَ شامخا أيّها الوجود الذي ألقانا إلى يُتْم يتسلّل إلى القلب فيرسم عليه وشم التّشرّد في عالم موحش. تقبّل منّا بعض الزّهور التي جمعناها في غفلة منك لنَهْدِيها إليك لتفرح حين تُجرّعنا كؤوس الألم فمن شِيَمك أن تكون مسرورا حين ترانا نلملم جراحنا ونجمّع تشتّتا هو من صنيعك. من أين تسلّلت إليك طقوس القسوة لنلقاك تعجن أرواحنا بحِنّاء الوجع؟ ألم تتعب بعد من سفرك في أجسادنا تخطّ عليها عجزا غائرا في الرّوح وترسم عليها وشم الفجائع؟

سنهديك عطرا عجنّاه من ورود الرّوح لتلتهمنا وأنت مُقبل على الفرح، فلْتأخذ كل ذاكرتنا لتعرف كم كنت قادرا على حرث صحراء الرّوح بمعاول صدئة لتكون بُوارا. سنعطيك هشاشتنا التي صنعتنا بها ليكون سبك أجسادنا مستحيلا. ماذا ستفعل حين يُفاجئك العيد وأنت تسخر من ضعفنا ؟

نُعطيك كل الحبّ الذي يرفرف على قلوبنا لتبني به على مقابرنا مسكنا تراقب منه عجزنا الكامل. نهب إليك فرحنا الطّفولي المُطارد من جحافل العسس لِتتدرّب به على خيالات سعادة لا تعرفها ولا تريدها لنا.

لك كلّ الودّ أيّها الموت الذي ينتظرنا على قارعة الظّلام، لا تكن مستعجلا ولا تخف من هروبنا فنحن مِن صنيعك لم تترك لنا مجالا للتمرّد على عرشك. فلْتُنقص قليلا من الضّوضاء والجلبة التي تحيطنا بها لتلتهم ضحيّتك وهي في أفضل حالها. تصل سعادتك إلى قمّة انتصابها وأنت ترانا نُساق إلى بيت طاعتك ونُزفّ إليك عراة بلا أحبّة وفي قلب الوحدة. أبارك لك تواضعك فمَهرك بسيط فيكفي أن نأتيك صاغرين بلا أمل ودون ألوان حتّى تستقبلنا منشرح الفؤاد.

لا تكفيك ورود العالم بألوانها ولا يمكن للرّبيع أن يرسم لك فرحك ونعجز عن مدحك فقدرتك تفيض فوق طاقتنا، لتعذر لنا عبوديّة صنعتها لنا وكنت سيّدنا لذا ترفض هدايانا.

جمال أبوريا...
فلسطين الجليل  سخنين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق