نقدية في نص تفريق للأديبة أسمهان
خلايلة ألجليل الفلسطيني
شكري العميق وامتناني للكاتبة Halamhmoud Ahmed مدير عام دار النوارس للنشر والدعاية _ جمهورية مصر العربية لتناولها قصتي تفريق _ بالنقد والتحليل .
أنقلها بكل الود والمحبة وتقديري الكبير لجهودكم .دمت بهذا العطاء الكريم استاذة هالة .
أثناء مروري على صفحات النوارس .. لفت نظري عنوان لا أعرف ما تم كتابته تحت العنوان بعد .. العنوان شدني للضغط على "رؤية المزيد" لمعرفة مكنون الموضوع .. أثناء قراءتي كنت منشغلة بالتفكير في معنى العنوان وإلى ماذا يشير؟ .. تفريق كلمة غير معرفة لها أكثر من معنى
"بالتفريق عن" يعني التوزيع وقد تقصد الكاتبة توزيع الأحزان على الجميع كبير وصغير ، "والتفريق بين" يعني زرع التفرقة والتباعد ، "والتفريق بين شيئين" يعني تمييز أحدهما على الآخر .. وقد تعني الكاتبة بمعنى الكلمة تشتيت الجمع .. فكان لابد من التمعن في قراءة القصة القصيرة .
النص الأصلي :
تفريق
في طفولتي كانت الطقوس المبهمة للموت الأول وشاركت فيها من بعيد ، حين توفيت أختي التوأم ..التقطت أذناي بعض المفردات الجديدة ، الموت كأس على كل الناس ، هو أعطى وهو أخذ ولم أعرف على من يعود الضمير هو إلا بعد أسابيع حين أتت عمة أبي المغتربة في بلاد" برة" يعني الخارج وعلى وجه الدقة اوروبا وأمريكا وسائر أصقاع العالم حيث تفرق أقارب أبي . فقالت يومها لوالديٌ : ألله أعطى والله أخذ .. أدركتُ بتحليل غير سريع ..يتناسب مع ذكائي الذي قدٌره معلم الرياضيات بالمنخفض فعارضه معلم العربية مؤكدا أنني من أفضل طلاب المدرسة في صياغة مواضيع التعبير اللغوي .
ضقت ذرعا بجو الكآبة الذي لفٌع البيت وزواره وأمي التي كابدت في كتم نشيجها كيف لا وهي أنجبتني أنا وأختي "بالموت " كما رددت النسوة وراءها .
حزن مفاجئ اندلعت ألسنته في باطني وأنا أستشعر غياب شريكتي في الألعاب والمشاوير والمناكفات وتردد صدى ندم على مشاكستها ومنعها من اللعب على دراجتي
باغتني دخول أمي وعمة أبي وانا أحمل دميتها المجعدة الشعر وقد شرعتُ بتركيب يدها ... نظرتا إلي نظرة لم أفهمها لكنهما رددتا تلك العبارة العجيبة : الحمد لله أن الولد سليم ومعافى . لعلها فدته !
احتضنتُ ُدمية أختي المقطوعة اليد ضغطت عليها ..الصقتها بصدري الممتلئ حزنا وشيئ لا أدري كنهه سوى أنني رغبت في الصراخ وإيصاد الباب في.... وجهيهما .
أسمهان خلايلة ألجليل الفلسطيني
7/ 8 / 2017م
==============================
مقدمة
عرفتها من خلال كتاباتها صاحبة قلم واقعي ، تطوع الحروف بانسجام وتناسق شاحذة إياها لتصير سهاما بل حرابا تشير على ما يشغل بالها وتفكيرها ثم تصوب فيرشق في الهدف .
إشاراتها تتناوب بين ما هو اجتماعي وسياسي في قالب ميلودرامي دائما يأخذني إلى أعماق حزنها السحيق .
الهيكلية الإخبارية
النص قصة قصيرة مكثفة تتبع مدرسة الواقعية الميلودرامية التي تتبع نظرية الفن للمجتمع .
الزمكانية
الزمان فلاش باك أي الخطف خلفا لاستعراض ماضي عاشته ومازال قائم حي داخلها
المكان داخل مسكن أسرتها
الحبكة
الحبكة بدأت بالعنوان الذي قمت بتفنيده منذ قليل ، والذي تقصد به الكاتبة شيئين .. الأول التفريق بين حي وميت ... والثاني التفريق بين حب ومكانة الولد والبنت لدى الوالدين والأهل ..
الصراع درامي بخطفة فلاش باك خلفا .. بدءا من لحظة رحيل أختها التوأم وتركيزها على بعض المفردات التي تقال في المجمتع لكنها لصغر سنها وانعدام الخبرة الحياتية البيئية لا تعرف معنى الجمل التي تم ترديدها على المسامع ، ففي بلدان عربية كثيرة اضطر العديد بل الكثير من الأطفال مواجهة الموت في أسرهم ورفاقهم وفي كل من حولهم ، في عمر لا يفهم فيه هؤلاء الأطفال .. ما هو الموت؟
حارت الطفلة في المصطلحات التي تقال أمامها ولم تفسر معناها ولم تهتدي لها سوى بعدما تحدثت عمة والدها وذكرت اسم الله "الله أعطى .. الله أخذ" .. أيقنت الطفلة وقتها أن هذا موت بانتقال أختها بجوار خالقها .
تحركت مشاعرها نتيجة عمل عقلها في التفكير واهتدائها لمعنى ما يحدث حولها ، أيقنت أن هذا تفريق .. موت انفصالي نهائي عن شخص تحبه .. التصقت بأختها منذ مولدها وتشاركتا كل شيء .. تشاركتا المشاعر الإيجابية والسلبية .. فاندلع بقلبها حزن مفاجئ يصحبه ألم وإحساس بالذنب على بعض المواقف التي كان فيها ندية بينهما في الألعاب وغيرها .. سيطر عليها الحزن الأليم وشعور بالذنب وشعور بفقدان أقرب الناس إليها ودخلت في مرحلة الإشتياق للميت الذي هجرها وانفصل وتفرق عنها ، أدركت بسرعة أن هذا الميت لن يشاركها ألعابها وحياتها مرة أخرى فبدأت في ممارسة الطقوس التعويضية وهي الإعتناء بما كان يخص هذا الميت .. فأمسكت بعروس أختها تحاول إصلاح ما ألم بها من تكسير .. وبدأت في إعادة يد العروسة لمكانها وهي هنا تحاول رد الدمية إلى حالتها السليمة وفي هذا تعبير على فتح باب عودة الأخت التي ماتت .. فقد تشتاق لدميتها واللعب بها .. إصلاح الدمية هنا كان إغراء وفتح باب للعودة للميت الذي تفرق عنها وهجرها .. وفي خضم معركتها هذه مع نفسها تدخل العمة والأم تذرفان الدمع وتحمدان الله على أن الولد معاف سليم وتحمدان الله على أن الطفلة الميتة فدت أخيها بعمرها .. تموت هي كي يحيا هو .. وهنا خرجت الطفلة من لحظة الشعور بالتفريق والهجر أي فراق الميت إلى تفريق له معنى وشعور آخر أشد ألما وإيلاما من فراق الموت .. وهو التفريق في مكانة وحب الآباء بين الأبناء والتفضيل .. وتفضيل الموت لابن حتى يعيش الآخر دون ذكر مبررات لهذا التفريق أو التفضيل .. مما أثار الغضب داخل الطفلة ، ولم يعد الغضب هنا غضب من الموت الذي فرق بينها وبين اختها ولا غضب من أختها التي تركتها وهي لا تستطيع العيش دونها .. الغضب كان أكبر كان على قلوب هؤلاء الذين يفرقون بين البنت والولد حتى في الموت .. آثرت الصراخ وإخراجهما من المكان وغلق الباب في وجهيهما ، بل غلق الباب عليها وعلى دمية أختها التي ضمتها في حضنها وكأنها تعتذر لأختها عما قيل وعما يجيش بقلب هؤلاء .
الحل والإنفراج
جاء الحل في اخراج الأم والعمة وغلق الباب في وجهيهما . وأوصدت الباب على حزن دفين سببه تفريق وتفريق داخل قلبها .
النهاية
النص موقف 6انساني بحت ، تختلف فيه النهاية باختلاف المتلقي وعقليته ، النهاية انهيار نفسي لطفلة صغيرة ما رأت في حياتها سوى التفريق بكل معانيه .
خالص التحايا وجل التقدير لكِ أ. اسمهان .. مع أمنياتي لكِ بمزيد من الكتابات الرائعة .
هالة محمود
الكاتبة أسمهان خلايلة
فلسطين الجليل الفلسطيني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق