الجمعة، 4 أغسطس 2017

مجلة المبدعين العرب... في رحاب القرآن بقلم الكاتب والشاعر المهندس خليل الدولة... العراق... الموصل

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظِ (التّرابطُ بينَ الآيات) :
قالَ تعالى (ويومَ يُنْفَخُ في الصّورِ فَفَزِعَ مَنْ في السّمواتِ ومَنْ في الأرضِ إلّا مَنْ شاءَ اللهُ وكلٌّ أتَوْهُ داخرينَ* وترى الجبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وهيَ تَمُرُّ مَرَّ السّحابِ صُنْعَ اللهِ الّذي أتْقَنَ كلَّ شيءٍ إنّهُ خبيرٌ بما تَفْعَلونَ* مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ خيرٌ منها وهم مِنْ فَزَعٍ يومَئِذٍ آمِنون* ومَنْ جاءَ بالسّيّئةِ فَكُبّتْ وجوهُهمْ في النّارِ هل تُجْزَونَ إلّا ما كنتمْ تَعْمَلونَ*) النّمل الآيات 87،88،89،90.
يخبرُنا تعالى عن أوّلِ مشهدٍ مِنْ مشاهدِ يومِ القيامةِ عندما يأمرُ إسرافيلَ عليهِ السّلامُ بالنّفخِ في الصّورِ(وهوَ بوقٌ يُنْفَخُ بهِ) وهيَ نَفْخَةُ الفَزَعِ فيفزَعُ مَنْ في السّمواتِ ومَنْ في الأرضِ إلّا مَنْ شاءَ اللهُ (قيلَ أنّهم حَمَلةُ العرشِ والحورُ العينُ والوِلدانِ واللهُ أعلمُ) فيأتونَ كلّهم صاغرينَ منقادينَ إليهِ وتنظرُ إلى  الجبالِ فتراها جامدةً ولكنّها في الحقيقةِ تَتَحَرّكُ كما تَتَحَرّكُ السّحُبُ في السّماءِ وهيَ مِنْ صُنعِ اللهِ الّذي أتْقَنَ كلَّ شيءٍ خَلَقَهُ ، ثمَّ يجازي كلّاً بعَمَلِهِ الحَسَنَةُ بالحَسَنَةِ إلى  عَشْرِ أمثالِها والسّيّئةُ بالسّيّئةِ ولا يَظْلِمُ ربُّكَ أحَدا، ولكنّنا عندَ التّمَعّنِ في الآياتِ الكريماتِ أعلاه نجدُ أنّهُ سبحانَهُ ذَكَرَ الجبالَ وإتقانَ صُنعِها بينَ آيةِ النّفخِ في الصّورِ وآيةِ مجازاةِ كلِّ عاملٍ بِعَمَلِهِ وكانَ السّياقُ يقتضي أنْ تكونَ آيةُ المجازاةِ بعدَ آيةِ النّفخِ في الصّورِ مباشرةً باعتبارِ أنّ المجازاةَ تكونُ بعدَ النّفخةِ والحَشرِمباشرةً فما سرُّ ذِكْرِ الجبالِ بينَ الآيتين؟؟
والجوابُ عنهُ أنّهُ سبحانَهُ كما خَلَقَ تلكَ الجبالَ العظيمةَ الشّاهقةَ الإرتفاعِ والّتي يَكِلُّ البَصَرُ عندما ينظرُ إليها وأتقَنَ صَنْعَتَها وجعَلَها تتحرّكُ كما تتحرّكُ السّحُبُ على عِظَمِ وَزْنِها في نظامِ مُتْقَنٍ عجيبٍ من غيرِ ما أيِّ خَللٍ فيهِ فهوَ كذلكَ خبيرٌ بكم وبأعمالكم وسيُجازيكم عليها واللهُ أعلمُ فانظرْ إلى  التّرابطِ البديعِ بينَ الآياتِ وقلْ سبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلما .

المهندس خليل الدّولة
العراق الموصل
2017/8/4م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق