لغتنا الجميلة
في علم البيان و البديع
البحث السابع
التقسيم .. و التجزئة من المحسنات البديعية
التقسيم
كما جاء في بعض كتب التراث ، هو أن يقسم المعنى الى أقسام تستكمله ، فلا تنقص عنه ، و لا تزيد عليه .. كما قال بعضهم :
و العيش شح و اشفاق و تأميل
ء
و قال بعض العرب و هو يسأل :
رحم الله أعطى من سعة ، أو واسى من كفاف ، أو آثر من قلة .
و أنشد سيبويه في كتابه :
فقال فريق القوم لا ، و فريقهم ... نعم ، و فريق : أيمن الله ، ما ندري
و قال زهير :
فان الحق مقطعه ثلاث ... يمينٌ أو نفارٌ أو جلاء
و منه :
ترتاح ان رشدوا ، و ترشد ان غووا ... و تجيب ان نادوا ، و تأنس ان دعوا
فالحق أبلج ، و المهابة تتقى ... و المال ينثر ، و المناقب تجمع
و منه قول البحتري :
فالخيل تصهل ، و الفوارس تدعي ... و البيض تلمح ، و الأسنة تزهر
و قال بعضهم
عيرتني ترك المدام و قالت ... ما جفاها من الكرام لبيب
هي تحت الظلام نور ، و في الأكــ ...ــباد برد ، و في الصدور لهيب
قلت يا هذه عدلت عن الرشــ ... ـــد ، أما للرشاد منك نصيب
انها للستور هتك ، و للألـــــ ... ـــباب فتك ، و في المعاد ذنوب
و لغيره في الفرس :
خير ما استطرف الفوارس طرف ... كل طرف لحسنه مبهوت
هو فوق الجبال وعل ، و في الســهـ ... ــل غزال ، و في المعابر حوت
و قال آخر وهو الناشئ الأكبر ( عبدالله بن المحمد الناشئ الأنباري ) :
رأيت على أكوارنا كل ماجد ... يرى كل ما يبقى من المال مغرما
ندوّم أسيافا ، و نعلو اسنة ... و ننقض عقبانا ، و نطلع أنجما
و حدث أبو القاسم الآمدي في كتاب الموازنة بين شعري الطائيين ، قال :
سمع بعض الشيوخ من نقدة الشعر ، قول العباس بن الأحنف :
وصالكم هجر، و حبكم قلى ... و عطفكم صد و سلمكم حرب
و أنتم بحمد الله فيكم فظاظة ... و كل ذلول من مراكبكم صعب
فقال :
والله هذا أحسن من تقسيمات اقليدس . و قول أبي الطيب المتنبي في هذا الفن ، أولى بهذا الوصف :
ضاق الزمان ووجه الأرض عن ملك ... و أرضهم لك مصطاف و مرتبع
للسبي ما نكحوا ، و القتل ما ولدوا ... و النهب ما جمعوا و النار ما زرعوا
و قوله :
فلم يخل من نصر من له يد ... و لم يخل من شكر من له فم
و لم يخل من أسمائه عود منبر ... و لم يخل دينار و لم يخل درهم
و قوله :
قليل عائدي ، سقم فؤادي ... كثير حاسدي ، صعب مرامي
عليل الجسم ممتنع القيام ... شديد السكر من غير المدام
و لي أنا من قصيدة بعنوان " سيمفونية الطبيعة و الحياة " :
ليعجب روحي هديل الحمام ... على أيكة و حفيف الشجر
و أطلال كوخ على تلة ... كأن به من سقوط حذر
و بسمة ثغر ، و برعم زهر ... و نفحة عطر ، و حلم نضر
و أقول في قصيدة أخرى :
و لكن قلبي أوصدته ... و أغلقته دون كر ، و فر
فعيش المحبين ، حلو و مر ... و هم وغم ، و حر و قر
..
أما التجزئة ..
و هو يشبه كثيرا التقسيم .. و لا أرى فيه هذا الفارق .. فهو كما جاء في كتب التراث أن يكون البيت مجزءأ الى ثلاثة أجزاء أو أربعة .. كما يقول المتنبي :
فنحن في جزَلٍ ، و الرومُ في وجلٍ ... و البحر في خجلٍ ، و البر في شغلِ
و في البيت المذكور أنواع من الطباق . أو المطابقة بالاضافة الى التجزئة و هو أيضا من أنواع البديع
و مثله قول بكر بن النطاح وهو من بين عدد من الأبيات غنتها السيدة أم كلثوم في عام 1936 مع بدايات حياتها الفنية :
فلا كبدي تهدا ، و لا فيك رحمة ... و لا عنك اقصار و لا فيك مطمع
و مثله قول الآخر
و صالكم صد ، و حبكم قلى ... و انصافكم ظلم ، و سلمكم حرب
أو كقول صريع الغواني :
واف على مهج ، في يوم ذي رهج ... كأنه أجل ، يسعى الى أمل
و أخيرا فان كتب الأدب العربي غنية بأمثال هذه المحسنات .. و أرجو أن أكون قد وفيت الموضوع حقه ..
مع تحياتي
...
المراجع : عدد من كتب التراث
تدوين الأديب والشاعر الأستاذ خالد خبازة
سورية/اللاذقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق