الوطن
كانت ليلة باردة مثل كل ليالي الشتاء ،والمطر يتساقط بغزارة .
قرب المدفأة وسط البيت جلست الأسرة تحتسي أكواب الشاي وتلتمس الدفء.
قال عبد الملك مخاطبا أمه :
_الأستاذ طلب منا اليوم أن نكتب موضوعا عن الوطن ، فكرت كثيرا ولم أعرف كيف أعبر عنه ، فهل تساعديني ؟
لم تجب الأم عن سؤال صغيرها ، ابتسمت قبل أن تقول له :
_أرى أن كتبك وأقلامك وأدواتك المدرسية مبعثرة في أرجاء الغرفة ، هيا قم بجمعها في محفظتك .
على الفور سارع عبد الملك وجمع أقلامه وكتبه ودفاتره وأدواته المدرسية ووضعها جميعا داخل محفظته ، وما إن انتهى من ذلك حتى بادرته أمه متسائلة :
أرأيت أين كانت كتبك وأقلامك وأدواتك المدرسية ياعبد الملك ؟
أجابها عبد الملك :
_كانت مبعثرة طبعا .
عادت أمه تسأله :
_وأين هي الآن ؟
قال عبد الملك :
_ أنها الآن في محفظتي بعد أن كانت مبعثرة ومتفرقة .
من جديد عادت الأم لتسال :
_ هل تخشى عليها الآن من الضياع أو التلف أو الكسر ؟
هز عبد الملك رأسه وهو يجيب :
_ لا يا أمي فهي الآن محفوظة بأمان داخل محفظتي.
ربتت الأم على كتف صغيرها وهي تقول مبتسمة :
هكذا هو الوطن يا بني نولد فيه ، ونعيش في ظلاله ونتمتع بخيراته ، ونجتمع فيه، ويحفظنا من الضياع ومثلما اجتمعت كتبك وأدواتك وأقلامك في محفظتك فإن الوطن يجمع أقاربك وأصدقاؤك وجيرانك تحت سماء واحدة بأحلامهم وأمانيهم وتطلعاتهم ، فهل فهمت الآن معنى الوطن ؟
وهذه المرة هز عبد الملك رأسه وهو يجيب :
_ نعم يا أمي لكم أحب هذا الوطن الجميل ، وسأعبر عن حبي له في موضوع التعبير الذي سأكتبه الآن .
طاهر الدويني
ليبيا مصراتة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق