قصة قصيرة : غـــشـــــت
***********************
كانـت دراجتي الهوائية،تتكلم معي،تنام معـــي في فراشي ،وتسكـن مخيلتي..لكن الفـرح شتمني،وتجشأ على حاجبـي.
......
أمي .هاهـي تركض نحو ما كـان.. رقية فوق وجهـي تبكي، تولول..والصـدى يستقــر قاسيا في عيناي.
ويقول:
- سقـطت ياصديق المحنة..
--------------
بـيـن الردهــات والطـوابــق:
كــــنا نحترق كما حفنة من دخان،نبكي بصمـت،ننتظرموسـم المطر القاسـي.
أجسادنا الواهــنة طحالب فاسدة،حيطان المستشفى المكعبة زنزانة تضج برائحة الادوية الفاســـدة والأحــلام المنتحرة.
.......
ذلك الممرض رأيته..
سمعته يتأفف و يغمغم...
تلـك الطبيبة،مقـطبة التقـاسيم لا تسعـل ولا تبتسم،تلوي ردفـــها السينــمائي وتتركنا نمضغ الشـظية..
......
شـيـخ منهـك هناك:
رأيناه مسجــى على عربة متورمة مثلنا،صريـــرها لا يهـدأ،يتألم الشــيخ،ينفجرصوته الأجــش كجرس مدرسة مغربية عتيقة.
......
آلامي تتفاقـم كجبال الصينيـة.
مازالت الغرفة تخنقني :
بحيث أصبح وجهي الأول قرميدا ســيـــئا
وتحولت رموشي البريئة إلى كبريت محروقة.
فـقـط ..
خيوط من الندى البارد تتساقط واهنة على نافذتي .
فقط صوت المذياع يدغدغ سمعي.:
ها فـيـروز"تغـني من مكان بعيد.فتشتعل أشجارالعرعار فـوق فراشي،أعطـتني الراهـبة الأرثـوذكسـية نايها اللبناني،عـزفت لي،فشعرت وكأنني غيمة من فصيلة الغجر،أركــض بين الـتيه ونتوءات حرقتي.
آه يا فيروز
- لماذا تصبغين الحال بأنين صوتك الفردوسي؟
لماذا ترتدين آلامي قلائدا حول عنقـك ؟
لماذا تذبحين صدري بهذه الإيقاعات السوريالية؟
هل أنا ثلجك الرمادي؟
أم أنا إنجيلك- الحق .
---------------
بعد أسبوع.
لاهاتفا يرن..
هـذا ديكنا الأرجواني الذي كان يسمــع رفقتي آذان الفجر،لم يتناه نشيـده الإلكتـروني إلى أذني..
.....
صديقـي-الحصـان الــــذي ألفــت معزوفـته الصاهـلة العربيــة:أراه ينتحب كقافية.
أتفحصه بقلبي قرب بيتنا،وهو يخط بحوافره المخططة رقصة أخرى..
....
النعجــة التي اشتـــراها أبي من سوق القبيلة البعيــد:واتاتها الطعنة، نبحت،ونامـت ككومة من الزليــج على حافة وسادتي
.....
أبي مازال يتكىء على حائط يمضغ كآبتي وكآبته في عينيــن واسعتين..
أه ياأبي.
أه.يا فارس الغابات.
هل عرفت وجهي بين هذا الزحام..
والأدخنة الكثيفة ؟
قديما...
قرأت بسمتك السعيــدة،
قديما طرت كأجنحــة المحـبة بين سماء وسماء.
والآن تهــــزمني السكاكين الصيفية..
والآن..
أسعـل منهزما.. تماما.. كمنعرجات ضيقة.
------------------
فـتح لنا حـارس الباب ممـرا،حملني أبـي بين ذراعيه الفسيحتيـن،كان يعـدو بتثاقل،وأنا أستنشــق ملوحة الرجولة من صدره، فيسعد خاطري
في طريقنا اخترقنا أنوارا وأشجارا..
لما غفوت..
شاهدت أمي تفـتح أبواب بيتنا القديم من جديد،تناولني أسماك الوادي الملون،تمسـح على صـدري بأناة وكأنها شاعرة يونانية..
فـتنبث حواجبي من جديد.
ينبعث وجهي من جديد.
اخضر القرميد الأحمر الذي كان.
واتسـع فمي كهلال..
......
اقـتربت رقية من شفتي،قبلتني كخنساء مجنونة...وأنا أبكي كنافورة..
آه..
تبا لك يا شهر الحريق..
محمد لغريسي
المغرب الخميسات
2004م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق