الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

قراءة نقدية بقلم الأديب والناقد عامر الساعدي.....العراق/بغداد

قراءة في نص (معركة النسيان) للشاعرة امل عايد البابلي... العراق
مابين القوة ، والانفعال . تكتب الشاعرة.
الغوص في أعماق الفكرة يتطلب دراية كبيرة من قبل الشاعر ، ليس سهلا الغوص بالشاعرية كي يخرج الشاعر بنتاج جميل ، الفكرة والتوظيف احد اسباب نجاح الشاعرية بسبب تداخل الشاعرية العميقة بداخله.
ظهور العنصر النسائي في الوسط الادبي في مجالات الادب ومنها الشعر ــ القصة ــ الرواية ــ وبقية اجناس الادب ، المرأة العراقية اثبتت من زمن طويل جدارتها في الادب والشعر خاصة من الاسلوب الذي اتبعته ، أو تتبعه في نهج الكتابة كما في السابق حيث اثبتت الشاعرة العراقية الكبيرة (نازك الملائكة ــ والشاعرة عاتكة الخزرجي ــ لميعة عمارة ، والذي تظهر وظهرت شاعرات وضعت بصمة بهذا المجال والخير دليل واليوم صدفة اجد شاعرة رغم عمرها الادبي بمجال الشعر قريب جدا الشاعرة ( امل عايد البابلي ) وانا اتصفح في نصها (معركة النسيان) وجدت في النص رحلة مختلفة بل معركة من نوع آخر مابين السطور ، وكل سطر يحمل موسيقى ولكل موسيقى ايقاع مختلف هذا ما جعلني اتوسط النص وهذا رأيي لاقرأ اكثر واعيد القراءة اكثر ، نعم في هذا النص وجدت العنصر الرمزي البسيط الذي عملت الشاعرة على اظهاره بصورة جميلة دون ارهاق المتلقي البسيط كأنها عمدت ان تجعل جمهورها من البسطاء الذين يتفاعلون مع النص دون تردد ، أو التوهان بالاسئلة بين السطور ، وانا تعاملت بنفس الاسلوب كمتلقي بسيط يشده الحرف والمعنى ، والمعنى الداخل لجوف القلب ، والسرعة في فهم المعنى ، وقد تكون الشاعرة متعمدة ان تضع الانفعال النفسي الحسي القريب للمتلقي لتشاركه الاحاسيس .
اهم صفات شاعرية الشاعر هي الانفعال الحسي في الكتابة ، حيث باستطاعتة جعلك انت الكاتب وتعيش مع الحالة ، أو المادة الفعلية في النص ، في هذا النص وحسب قراءتي له وجدت هناك تكثيف عالي ومتطور في الصور الشعرية ، حيث انها عمدت الجمالية في الصورة الشعرية لشعورها بحاجة المتلقي لهكذا صور ، أو انها ارادت ادخال الصوت مع الصورة الشعرية كي تصل اقرب وبسرعة .
فإن صوت القصيدة ورعشة القلب ، وهمسات الأعماق لا تصمت ولا تكف عن مناغاة القصيدة ، لهذا فإن القصيدة حينما لا تعانق الحرف والسطر فإنها تتحول إلى لغة صمت على الشفتين ، وإلى إيقاع شوق ولهفة تسترخي على صفحات الغروب .... هذا ما ارادت اثباته الشاعرة البابلي في نصها .
دعني أنثر أوجاعي / في أرض النسيان / وأنظر من بعيد كيف / ستزهر اغصان الوجع بإسمك ، هنا في هذا المقطع تتدرج لاثبات الحسية بالنص ، واثبات انفعالها لتكمل وتقول ، بملامحك ...توقف بعد لحظة انفعال جميل ثم تعود مرة اخرى، أخبرهم ، ياسيدي كيف تغني الشطآن عند السواحل ، أن رجلا كأنت عصي على النسيان ، يسبق لي ليكن هذيان ...عذراً كُتِبَ حزنٌ بحروف أسطري، رغم حبي لكتابك النسيان إلا أني خرجت تاركة أثري بعدي ، بشوق يجتاز المجرة، طريقة جميلة في توظيف نصها كي تعبر شطآن كبيرة وكثيرة لابد قارب يسعها ، اعتذار ، بعدها كبرياء انثى ، بعدها كبرياء ، ثم تعود لمهاية النص لتقول ، بشوق يجتاز المجرة ، اعتقد وحسب رايي ورؤيتي الخاصة انها عمدت ان تتفاعل مع النص بحرفنه شاعر رغم انها ذهبت في انتقالات حتى عادت اخيرا منتصرة لتدون الشوق على صفحات مجرة بعيدة ومختلفة ، هذا ما يبحث عنه المتلقي بعيدا عن النخبة وما وراء التكبر والغرور ، فالشاعرة هنا شاعرة وجد .
النص النثري له خصوصياته مثلما لاي جنس اخر اجناس الادب وعلى الشاعر ان يكون مؤمنا بشعره اولا واخيرا فمن المستحيل ارضاء الجميع ، يقول الاديب محمد شنيشل الربيعي في كتاب ( عبد الجبار الفياض حكيم من اوروك )" نسبة إيمان الإنسان لفهم ذاته في النص هي بقدر معرفة نسبة الذات في كلية النص".
ويقول ، الفيلسوف "فريديريك نيتشة" لا تمشي في طريق من طرق الحياة الا ومعك سوط عزيمتك وارادتك ، لتلهب به كل عقبة تتعرض طريقتك.
الربط بين المقولتين واضح للعيان لايحتاج لتأويلا اكثر الربيعي يؤكد عزيمة الانسان وقوته ، ونيتشيه ، يؤكد نفس الشيء ، فالاثنان يتحدثان عن ماهية الانسان الحقيقي وجوهره الاصلي ، وعدم الالتفات للوراء .
تقول الشاعرة ، أي نسيان وأنا أشتعل لهفة واشتياق، عذراً إليك أيتها الاحلام البريئة ، خضت معركة النسيان ببسالة وشراسة ودافعت عن وجودي ببقايا تعقلي بقوة ، ونزلت ساحاته كفارس عتيد لا يهزم ...وعند صليل السيوف شُبه لي ، تراجعت خطوة....
تبتدأ في نزول للنص حتى انها تبتدأ في الصعود للاعلى تدريجيا بقولها ، ودافعت عن وجودي ببقايا تعقلي بقوة ، وهذه العبارة وحدها تكفي لصحة قولي في المقالة وتأكيد على انها لن ولم تتنازل فهي امراة باقية بعزيمتها / قوتها / كبريائها / انوثتها التي لن تتنازل عنها / قتالها / تحديها / ووو كثير من القول بحقها .
اكتفي بهذا القدر من الكلام ... وشكرا للشاعرة ( أمل عايد البابلي)
:::::::::::::
النص(معركة النسيان)
دعني أنثر أوجاعي في أرض النسيان
وأنظر من بعيد كيف ستزهر اغصان الوجع بإسمك ...
بملامحك ...
أخبرهم ياسيدي كيف تغني الشطآن عند السواحل
أن رجلا كأنت عصي على النسيان
يسبق لي ليكن هذيان ...
عذراً كُتِبَ حزنٌ بحروف أسطري
رغم حبي لكتابك النسيان إلا أني خرجت تاركة أثري بعدي
بشوق يجتاز المجرة
بنبض لا تتسع له ترهات فصولك وأشهر الحنين
بعشق لا يجاريه زمان ولا مكان
ولن يستوعبه بشر سواي
حلم أدعي وذكرياته تفوح من مسام جلدي
أي نسيان وأنا أشتعل لهفة واشتياق
عذراً إليك أيتها الاحلام البريئة
خضت معركة النسيان ببسالة وشراسة
ودافعت عن وجودي ببقايا تعقلي بقوة
ونزلت ساحاته كفارس عتيد لا يهزم ...
وعند صليل السيوف شُبه لي
تراجعت خطوة....
وخطوتين ....
والثالثة سكن كل شيء
حتى هزني طيفه
أي نسيان يا انت تنسى النسيان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق