الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

قصة بقلم الأستاذ القاص والروائي محمد عاشور.....مصر/القاهرة

قصة قصيرة بقلم محمد عاشور
ثورة الزهور

وقفت الشجرة الممتلئة بالأشواك التي يتعلق بها كثير من الدود بين الزهور الكثيرة المترامية الأطراف تصيح في صوت أزعج حتى الزهيرات الصغيرة التي أصابها الكثير من الضيق والغضب ، وارادت أن تعترض على الشجرة ، لكن الزهور الكبيرة طلبت منها أن تصمت حتى لا تلقي الشجرة الكبيرة بعض من دودها عليها .
     أمرت الشجرة التي تضخمت ، وتوحشت أشواكها وديدانها     الزهور التي شاخت والزهور التي نضجت وحتى من البراعم الصغيرة ، أمرتهم جميعاً الا يتكلم أو يسمع أو يرى أحد .
كانت هناك بعض الزهور الصغيرة التي تفتحت حديثاً ، وبدأ عودها يشتد، أخذت تهمس ، ثم ارتفع صوتها .
     صرخت الشجرة المخيفة وألقت بعض الدود على هذه الأزهار وقتلتها، اغتاظت كل الزهور ، لكن الصمت كان هو السيد .
     مع الوقت أرادت البراعم التي تفتحت ان تتكلم ، لكن الشجرة صاحت بصوت يظهر منه الشيخوخة ، لكنه ما زال قوياً : هيه .. وبعدين .. مش قلنا مفيش كلام .
     حاولت الزهور أن تهمس مرة أخرى ، لكن الزهور الكبيرة كانت تحذرها ، فكانت الزهور الصغيرة تصمت حيناً ، ثم تهمس أحياناً ، فتتساقط بعض ، الديدان وبعض الزهور تموت .
     سمعت الزهور في يوم من الأيام أن الديدان تقول لبعضها أن الشجرة تقول : دعوا الزهور تتكلم .. فماذا يمكن أن تفعل الكلاب المربوطة عندما تنبح .. لا شيء.
     تضايقت الزهور الصغيرة والكبيرة والتي شاخت ، وأخذ الكلام يزداد، وكلما ازداد الكلام ازدادت معه حركة الزهور محدثة بعض الهواء الذي يلف حول الشجرة كالنسيم فينعشها ، فتضحك .
ظلت الزهور تتكلم وتزداد حركتها فيزداد الهواء ، وتتمايل الشجرة ضاحكة ، ثم تلقي من الدود على الأزهار فتؤذيها ، فتضحك الشجرة بقوة ثم تسعل .
      ظلت الأزهار تتكلم وتتكلم ، والنسيم يتحول إلى هواء يحرك أفرع الشجرة ، والشجرة تقول : هيه .. هيه .. وبعدين ، فتتوقف الأزهار كلياً وهي مهمومة .
     ضجت الأزهار قليلاً ثم انفجرت تصيح وتتحرك في عنف ، والشجرة تهدد ، لكن الأزهار لم تتوقف وارتفع صوتها وحركتها زادت أكثر ، فاهتزت الشجرة وألقت الكثير من الدود ، ولكن الأزهار لم تتوقف ، وصرخت وصاحت وثارت وتحركت في عنف ، وتحول الهواء إلى ريح قلقل الشجرة التي أخذت تلقي كل دودها .
     الأزهار لم تتوقف ، ازدادت الريح ، تحولت إلى إعصار ، أخذ يحطم أغصان الشجرة التي كان قد دب فيها السوس ، وأكل العفن جذورها ، والدود يحاول أن يحميها ، لكنها سقطت بعد أن قتلت بعض الزهر وأخيراً رأت الزهور الشمس .

بقلم : محمد عاشور
مصر/القاهرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق