صمتكم يُواري الخيام
خيام بلا جدران. لا يمكن الإتكاء عليها، تطفو على المكان كشواهد بيضاء فوق مرتفعات الخراب والدم ولا تحتاج إلى براهين للتأكد من هوياتهم واسم بلادهم ولا لضياع العقل في متاهة عائلة هائجة مختلة ستبحث بعد قليل من الوقت وقبل ضياع الوطن بالكامل، عن موطئ قدم تفر إليه أو للعيش فيه ولن تجده، وإن وجدته بمساعدة الشيطان الأكبر، فلن يكون إلا هناك وراء الحدود أو في نعش العرش المتهالك.
كل من هو في الخيمة يتذكر نفسه في البيت ويرى إلى وجوده بلا بيت بلا وطن ولا يعرف كيف يتعرف على ذاته من غير بيت واسم وعائلة منقوصة، لا يدري في أي زمن هو وما مستقبل هذا العدم، وما الذي يجيء به المستقبل وهل هو خارج الزمن أم أصبح غريباً عليه، لا رسائل تأتي من البعيد غير أصوات الحناجر المسالمة الواقفة في موتها، الواثقة من غدها ومن جدوى سقوط ضحاياها اليومي فداء للوطن.
هل يعني لك الكثير لو فكرت بأحدهم كقريب أو كغريب أو كسائح يهوى السياحة على الأنقاض، أو كمسافر يعود لزيارة الأهل بعد غربة قاسية فلا يجد لا البيت ولا الأهل، أو كواحد من أفراد أسرة يبحث عن بيته في آخر الليل بعد أن غادر المشفى أو المعتقل على عكاكيز خشبية بلا قلب، بلا ذاكرة؟
آلاف من الخيام وبلا أرقام ولا صناديق بريد. لكل خيمة نجمة في الأعالي وهي عنوان لكل الخيام، فبأي نجمة سنهتدي على أهالينا بعد أن تشابهوا جميعاً وتاهوا. وأي ضوء سيرشدنا إليهم في الليل لو تجاوزنا الحدود وتسللنا إليهم، وكيف سنتعرف عليهم وهم سواسية في النوم في كومة من ظلام؟
جمال أبوريا
فلسطين الجليل سخنين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق