(الباب الثاني) من تطور الكتابة العربيّة..
((رسم المصحف الشريف، وتطور الكتابة))
(الفصل الأول):
( الكتابة، والكاتبون، وجمع القرآن الكريم في الصدر الإسلامي الأول)
تعتمد الكتابة العربيّة على ثلاثة عناصر متلازمة:
الأول:صورة الحرف أورسمه.
الثاني:بناء الكلمة وإملاؤها.
الثالث:حركة الحرف أو شكله.
وهذا ما اعتمده المصحف الشريف عند جمعه في المصحف الإمام.
وكان بعض الصحابة يكتبون بعض الآيات أو السور الشريفة،ويحتفظون بها؛لمراجعتها أو للتبرك بحفظها واقتنائها،وكان من بينهم(زيد بن ثابت)صاحب آخر عرضة للقرآن الكريم على الرسول قبل وفاته.
• من الصدور إلى السطور:
نزل القرآن تلقيناً وحفظ في الصدور تلقيناً،واستمر التسابق إلى الحفظ في عهد الرسول وأول عهد أبي بكر دون التفكير بجمعه.
ولما وقعت حروب الردة،واستشهد من الصحابة حوالي الخمسمائة،سارع عمر بن الخطاب إلى الخليفة أبي بكر،وطلب إليه أن يجمع القرآن مكتوباً في الصحف،حرصاً واحتياطاً،لأنّ معظم من استشهد في حروب الردة كانوا من الحفظة،ووافق أبوبكر وطلب من زيد أن يجمعه.ولما أتمه راجعه وسلمه لأبي بكر،واحتفظ به أبوبكر حتى وفاته.
ولما تسلم عمر الخلافة،أخذ الصحف واحتفظ بها مدة خلافته,ولما استشهد احتفظت به أم المؤمنين حفصة بنت عمر ،
ولما تسلم عثمان،سمح للصحابة بالسفر حيث يشاؤون،بعد أن كان عمر قدمنعهم من السفر؛خوفاً من التفاخر بما شهدوه مع الرسول من وقائع وغزوات،وما حفظوه من الأحاديث الشريفة.وفعلاً بدأ الخلاف على قراءة القرآن في الشام والعراق ومصر،فأرسل عثمان إلى حفصة،لترسل له الصحف،وكلّف زيد بن ثابت وعبدالله بن مسعود..وغيرهم بجمعه في مصحف واحد يكون إماماً للمصاحف.
وبعد أن جمعوه انتسخ منه خمساً أو ثماني نسخ،احتفظ بواحدة منها،ووزع الباقي على الأمصار.
ورسم المصاحف كان ضابطاً لحرفيّة الألفاظ من التحريف، وكان اللسان العربي،يتجاوز الحروف الزائدة،ويضيف الحروف المحذوفة بالسليقة،يقول صاحب الكشاف:(وقد اتفقت في خط المصحف أشياء خارجة عن القياس،ثم ماعاد ذلك بضير ولا نقصان؛لاستقامة اللفظ،وبقاء الحفظ).
• مصاحف الأمصار: جاء في الحديث((أنزل القرآن على سبعة أحرف)).
لم يجمع علماء السلف على المقصود ب (سبعة أحرف)؛لاختلاف الصحابة والتابعين على المراد بها،ولكن بعضهم رجحوا أنّها تعني لغات العرب ولهجاتهم،اهتداء بقصة عمر(حينما سمع هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في الصلاة،على غير ما أقرِئَهاويقرؤها،فوقف ينتظره على مضض،فلما فرغ من صلاته،أمسك بتلاليبه،وقاده إلى رسول الله مغضباً يشكوه،فقال له:دعه ياعمر، اقرأ ياهشام،فقرأ قراءته،فقال هكذا أُنزلت،ثم التفت إلى عمر وقال له:اقرأ ياعمر،فقرأ قراءته،فقال الرسول:هكذا أُنزلت).
ويقول شوقي ضيف:(وهو لايريد بالسبعة عدداً معيناً؛وإنما يريد كثرة الحروف واللهجات التي نزل بها؛تسهيلا على العرب أن ينطقوا من كلماته بلهجاتهم مالا يمكنهم أن ينطقوا به بلغة قريش،ولهجاتها الخاصة،وأخذ هو يصنع ذلك؛تيسيراً وتسهيلاً)).
• للموضوع تتمة بعنوان:( الفصل الثاني رسم المصاحف الأولى،ملامحه وقواعده وقضاياه).
• من دراسة بعنوان: ((أصل الخط العربي،وظهور الأبجديات العربيّة وتطورها))
الباحث في علوم العربيّة : حيدر حيدر
سلمية في /13/4/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق