قـــصة قــصـيرة : قـــط بـــــارد..*
مــحــمــد لــغــريــســي
الخــمــيســــات 2006
الــمــغــــرب..
***************
تستيقظ قطتي وحبيبتي صباحا أومساء،تتمطـط في فراشها الأنثـوي ،تلحــس أرنبة أنفها بلسانها الأحمر المرن،تدهـن عنقها بريقي فيلمع وجهها..
ولا يلمع وجهي..
كانت تموء بصوت متكرر،تضغـط على فقاعات علكتها الصناعية الملونة،تنفخها بين أسنانها المنحوتـة كلؤلؤ.وكنت غبيا لا أقرأ دفاترها.
سمعت همستي .
ردت :
- قد أجرب شواربك يوما.طبعا،عندما ستغسل وجهك الساذج بالماء البارد،سأضحك معك...
وكنت غبيا للمرة الثانية.
-----------------
ها أنا....
أتسول بين حيطان الكلـية بالقنيطرة.
أقتات من زاد أبي العتاهـية،أعانــد قســوة الهجرة والأسفارمن أجلك،أكتب أشعارا لعيون المرمر،أتسكع في أضواء الحدائق كي أراك ..
أنا أحبك إلى حـد لايوصف يا أميرة" آيــت بوهــو".أتحــرق صبابـة لتلك النظرة الخاطفة التي توشحني كقائد انكشاري يتمنطق سـيـف الخلافة .
تلاشيــت من العالم بسببك،أصغيت إلى دبيب مشيـتك في قسمــي وفي بيت نومي،مزقت كتبي ورميتها في كؤوس البن الزنجية.
ولأنك هناك:
يحدث لي زلزال فظيع. فـ..ظ..يـ..ع.
تفـترسني الوحدة الخبيثــة،أسهــرالنهارالقصيــر،أسهرالليل الطويـل،أتـرك الباب مشرعا،لعل اسما كتلك الأنثى يطرق الباب،فنضحك معا.
-------------------
أنا خجول كنهر "بهت" لكني أعشق آثار فروك على مناديلي..
فتقدمي.تقدمي.
حقا،أنا لا أملك إلا كسرة خبز من شعيـر جاف،بيتي من حشائش وطيـن، لكن بئري غاصة بماء المطر.
لقد شيـدت لك يا بنـت جارتي قصرا أندلسيا باذخا في عالمي الزجاجي،بنيـت لك كنيسة يونانية،صنعت لك من الشهور الشرقية تاجا من عنبر.
فهل تسمعين الكمنجات؟
سألني صديقي:
- أتخجل منها يا صديق الكارثة الزرقاء؟
قلت:
- أخاف ان يفترس غيري زجاج عينيها.
رد علي:
- إذن تقدم قبل أن تخفت النجمة فتسرقها الأحصنة.
- لما لا تخترق أزرار خميلتها الناضجة بيديك المرتعشتين؟
---------------------
بعد مرور شهرين التقيتها،
كانت تحدثني وهي لا تكترث لفاجعتي التي خربت توازني تماما.
رجوتها...
قلت:
-افهميـني،أولئك لا يشبهـون حرقتي،فامسكي بكتفي،سنقصد بقال الضاحية الأعمى،نشتري منه زهــرة تشبه قرميد فاس..
وانصرفت،
هاهي تبتعد بين الحشائش الكثيفة،ريش السنابل يتناثر من خلفها،شكلها يبتعد ويبتعد،حواجبي الصغيرة تنتحب ..
منذ مـدة،لم أشاهـد لغـو سراويلها الدسمــة،زجاجـها تكسروأدمى مفاصلي،ظلت مخيلتي تتعقب أصواتها بين صناديق البقـال الأعمى وصريرالبضائع المتلاشيـة،صرت أمشـي في الزقاقات ورأسي توبخــني.:
قلت لسيجارتي التي تحرقني:
- الجبناء لايربحون،يغرقون كالحثالة وبقايا الطعام في سطول القمامة..
قهقهت السيجارة.
قلت :
- سأحرق شواربي بك قريبا .
سألتني:
- لماذا لم تحرق شاربك بقصتك وحبيبة عذاباتك..
أجبت:
- أنا لا أستحق اسمي.
إذاعلمت خالتي الأولى بهزيمتي في سوق النساء،ستزمجركعاصفة هندية.
بالتأكيد...سوف تكسر رأسي الخشبية بملعقة الطباخين.
------------------
استيقـظت ذات صباح،فتحـت نافذتي على ضـوء الفجر،طرقت العنــيدة بابي،فرحت كصبي صغير في هذا العالم،قلت ربما سيصهل السعد لي..
ظلت تقهقه كالدوامة.
قلت في نفسي:
-إنها جنت بي .بلا شك سألعب معها كما يفعل القط بالعشيقة بين تلك السنابل الخضراء.
قهقهت.. هي.. أكثر:
- اسمع ياقطي الجحول،أنت لاتنفعني منذ الآن.صمتك طويل،عينك المضطربة لا تغمز.
قلت:
- هل ترغبين في ذبحي من الوريد إلى الوريد؟
أردفت:
- قط آخر..هل سأكمل..؟. سيمتطي نهدي،سيطير معي بين الجبال والهضاب..
*********
ابتلــع حلقـي زجاجات من ملـح وكبريت،انزويت لفترة طويلة في نصف المساحة الضيقة،تحت هيكـل تلك السيارات تارة،وتارة بين صناديق البقال .
دخنــت سيجارةعاشرة،عثــرت بين متلاشيات القمامة على سكين حادة،ذبحت بها شـواربي المريضة..
أنا القـــ...ط
الــــبـــــــارد
الغـــبــي .
محمد لغريسي
المغرب الخميسات
2006م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق