الاثنين، 3 أبريل 2017

قصيدة بعنوان { جُـمـوعُ الدَّجاج ...} بقلم الشاعر/ حسن منصور/ الأردن /الزرقاء .

جُـمـوعُ الدَّجاج
===========
--------------------- الشاعر حسن منصور

حَـياةٌ تُحاكي حَـياةَ الــنِّعــاجْ || وإنْ شئْتَ قُلْ: بلْ حَــياةَ الدَّجـاجْ

لأنَّ الـنِّعــاجَ تَروحُ وتَغْـــدو || فَتُبْصرُ في السّيْرِ بعْضَ انْفِـراجْ

وأمّا الدّجاجُ فـلَــمْ تَـكُ تَسْعى || ولَيسَ لَهـا في البَساتينِ مَــرعى

وَليْسَ لَــــدَيْهــا مَجـالٌ فَسـيحٌ || فَــتَأْلـَمُ قَـهْـــراً وتَأْلَـمُ جَــوْعـــى

تَبـيـتُ بأَقْــفـاصِهــا في أَنيــنْ || وَيسْمـعُـهــا مَـنْ بِهـا يَسْـتَهــيـنْ

فَيُسْرعُ يَمْحــو ضِـياءَ الصّباح|| وَيُغْـلــقُ أبْوابَ تلـكَ السُّـجــونْ

فَلا الصّوتُ يَخْرجُ مِن حَلْقِـهــا|| ولا صَـرْخـةُ (الآهِ) مِنْ حَـقِّـها

وسَـجّـانُهـا هُــوَ جـــزّارُهـــــا || مَــتى شاءَ أبْدعََ في صَعْـقِـــهـا

وأقْـفاصُهــا طَـبَقــاتٍ تَراهــــا || فَـتَحْسَبُهــا أنْجُـمــاً في سَمـاهـا

فلا هِيَ في الأرْضِ تَحْيا وتَبْقى||ولا هِيَ في الْجَــوِّ تَلْـقى مُـناها

وتَنــظُـــرُ أسْـفـلَ حَـــتّى تَرى || لِتـبـْحَـثَ عنْ حَــبَّـةٍ في الـثَّرى

فـلَـمْ تَدْرِ شَـيْـئًا يُسـمّى العُــلى || ولا فَهِـمَـــتْ ما تَكــونُ الـذُّرى

فإنْ شاهَدَتْ (قَمْحَةً) فهْيَ تُبْهَرْ|| وتَهْـوي عَـلـيْــهــا ولا تَـتَـأخَّــر

وتَـنْـبِـشُ كلَّ الــزَّوايـا هُــناكَ || لَعـلَّ الكَـثيرَ مِنَ القَـمحِ يَظْـهَــرْ

وتَلهَــثُ وهْـيَ تُـفـتِّـشُ عَـــنْهُ || إلَــى أنْ تَـكِـلَّ وتَـيْــأَسَ مــــنهُ

فَـتـنْـدُبُ حـظّاً تَعيساً عَـراهـا || ووَيْـلٌ لِمَـنْ حَـظُّــهُ لَـمْ يُعِـــنْـهُ!

ويَـصْـرُخُ سَـجّـانُهــا بِتَـشَـفِّ || إذا شِـئْتِ زيدي وإنْ شِئْتِ كُفّي

فـلَـنْ تَجِــدي حَــبَّـةً تَأْكُلــيـنَ || سـوى ما أَجــودُ عَـلــيكِ بِكَــفّي

فإنْ شِئْتُ زِدْتُكِ مِنّي طَعـاما || وإنْ شـئتُ زدتُـكِ مـنّي سَـقـامـا

وعُمرُكِ رهْـنٌ بِما أرْتَضــيهِ || إذا شئْتُ عَـفْــوًا وإِلاّ انْـتِـقــامـا

إِذا كُنتِ تَبْغــينَ أَلاّ تّجـوعي || فَـكــونِي لأَمْــري كَعَـبْدٍ مُـطـيعِ

ولا تَحْلُمي أنَّ صوْتَكِ يُجْدي || إذا ما صَرَخْــتِ بِهـذا القَـطـيعِ!

وأقْصى مُناكِ الطّعامُ الطّعـامْ || كُلـي ثُمّ نـامي فَـنِـعْــمَ الْـمَــنـام!

ولا تَحْــلُــمي أنْ تَنـالِي سِواهُ || إذا نِـلْــتِه نِـلْــتِ كلَّ الْــــمَــرامْ

ولا تَحْـلُمي بِالْخُروجِ القَريبْ || ولا لَــكِ حُـرِّيَّـةٌ فِي الْـهُــروبْ

ومَهْما صَرخْتِ ومَهْما عَمِلْتِ|| فـلـيْسَ لِصوْتِ الدَّجاجِ مُجـيـبْ

وإنْ قــامَ ديـكٌ يُــؤَذِّنُ فــيـكِ || لـكيْ تَغْــدُري بالّـذي يَـقْـتَـنـيـكِ

فَـلـسْتُ أُجــازيهِ فَـرْداً وَلكنْ || سَـأَذبَحُ مــنْ أَجْــلـهِ كُــلَّ ديـــكِ

وصَــوْتُ الدُّيوكِ قَبيحٌ عَـقيمْ || وَيَجْـرَحُ سَمْـعي كَـنارِ السَّـمومْ

ويُزْعِـجُ نَوْمَـكِ وهـوَ يُنـادي || على الشّمْسِ في جَوْفِ ليْلٍ بَهيمْ

بِلا مِــخْــلَــبٍ وَبِلا مِـنْـسَــرِ || يَعـيـشُ الـدَّجــاجِ عــلى الأَكْــدَرِ

يُسالِمُ خَصْـماً ظَلوماً غَشوماً || وَليـسَ يُـقــــاوِمُ أوْ يَـجْــــتَــري

وإنَّ الـدَّجاجَ لَـطَـيْرٌ ضَعيفُ || ولـيسَ لـدَيْــهِ سِــلاحٌ مُـخـــيـفُ

وهـــذا الــعَــــدُوُّ وَسِـكّـيـنُـهُ || سَـتَـبْـقى بِكُلِّ الرِّقـابِ تَـطـــوفُ

جُـموعُ الدَّجـاجِ تَنامُ وتَحْـلُـمْ ||وكابوسُ رُعْبٍ عَلى الصَّدرِ يَجْثُمْ

ولكــنَّ ثـأْرًا لَـهـــا لا يَـنــام ُ|| يَـضِـجُّ بِـأَعْــمــاقِـــهــا ويُدَمْـــدِمْ

تَـمَــلْــمَـلَ ثُمّ تَـفَـجّـــرَ نـارا || أحــالَ الـظّـلامَ الـقَـبـيـحَ نَهـــارا

وَزَلْزَلَ كلَّ الطُّيورِ فَـقامَـتْ || تَبـيـعُ الْحَـياةَ وتَـجْـني انْـتِـصـارا

وصاحَتْ بِصوْتٍ قوِيٍّ جَديدْ|| تُـحَـطِّــمُ أقْــفـاصَهــا والْـحَــديـدْ

تُحَــلِّقُ في الْجَوِّ فَهْيَ نُسورٌ || مَخالِـبُهــا في عُـيــونِ (القــرودْ)

جُموعُ الطُّيورِ سُيولُ نسورِ || ولَمْ يَحْــتَجِـزْ دَفْـقَــهـا أيُّ ســورِ

وسَجّـانُهـا فَــرَّ مـنْ دَرْبِهــا || كَـمـا فَــرَّ كـلــبٌ أمــامَ الـزَّئــيِـر

نُسورٌ مَـضى سَـيْلُهـا يَتدفَّقْ || يَـدوسُ الـكلابَ ولا يَـتــرَفَّــــــقْ

يُمَـزِّقُــهــا بِالْمَـــخـالِبِ إرْباً || وَيـفــْتَـحُ دَرْباً بِهــا كانَ يُغْــلَــقْ

ومرَّتْ جُـموعُ الدَّجاجِ تُغَنّي|| إلَى غَــدِها بَعـدَ طــولِ التّـمَــنّي

لِتصْنعَ دُنْيا تُراعي الضّعيفَ|| وتُعْـطــيهِ حَـــقَّ الْحَــياةِ بِـأَمْــنِ.

*****************************************
من المجموعة العاشرة، ديوان (تقاسيم على مسيرة الزمن) ط1ـ 2014م ـ دار أمواج (في عمّان) ص39.

الشاعر حسن منصور
الأردن الزرقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق