الجمعة، 31 مارس 2017

قصيدة بعنوان { عذرا فيروز ... } بقلم الشاعر/ خيري البديري/ العراق/بغداد

- عندما غنت فيروز قبل أكثر من خمسين عاما
" الآن الآن وليس غداً  أجراس العودة فلتقرع
وقد رد عليها بعض الشعراء.
وعلى هامش القمامة العربية التي تقام على ضفاف البحر الميت قريبا من أسرائيل أقول :
«عذرا فيروز »

غَنّتْ فيروزُ ومعذرة
                    أجراسُ العودةِ فالتقرَعْ
أجراسُ العودةِ لمْ تُقرَعْ
                         والأمةُ في نومٍ ترتَعْ
الآنَ الآنَ وأمتُنا
                         في قعرِ رذالتها تَقبَعْ              
الأمةُ لا تَرفع عَيناً 
                       لا تَقوى أنْ ترفَعْ مِدفَعْ
هيَ زانيةٌ باعتْ عِرضاً 
                        وزناةُ الأرضِ لها تَهرَعْ
هيَ تَزني سِراً في الليلِ
                      فتُضاجعهم حتى تشبَعْ
وصباحاً تعقدُ مؤتمراً
                            للزاني أموالٌ  تَدفَعْ
والأدهى في هذي الأمة
                              أولادُ زُناةٍ من تُتبّعْ 
الآنَ الآنَ  وبعدَ  غدٍ
                     أصواتُ  الفتنةِ ماْ تُسمَعْ
وشيوخُ الأمةِ أنجاسٌ
                      قدْ بانَ العهرُ وقدْ قوقَعْ
هُمْ لمْ يلْهُوا  بحلمِ الطفلِ
                   بلْ ذبحُوا  الأطفالَ الرّضّعْ
الآنَ الآنَ بلا   وطنٍ
                            باعوهُ لمُحتلٍّ يطمَعْ
وشعوبُ الامةِ معذرةً
                             تَتغنى بالذلِّ وتركَع ْْ
عُذراً مِنْ شِعري أحياناً
                           يُحسب ثرثرةٌ لا تنفَعْ
لمْ ترفعْ أمتُنا سيفاً
                             إلا ضدَّ اليمنِ الأنزَعْ
أو تنحرُ رأسَ عراقيٍّ
                     قاتلَ في القدسِ وقدْ فزَّعْ
ودمشقُ أسيرةُ فِتْنتِها
                            لمْ تسلمْ لبنانُ وتهجَعْ
أو تفتحُ للحُرِّ سُجوناً
                              إنْ أبدى رأياً أو تقمَعْ
وبقربِ الأمةِ مُحتَّلٌ
                   يستوطنُ في القدسِ ويجذَعْ
عُذراً فيروزُ ومعذرة
                           أجراسُ العودةِ لمْ تُقرَعْ
فالأمةُ سكرانةُ ذُلٍّ
                     تتغذى بالجهلِ وتخضَع                
  
#خيري البديري
  العراق بغداد

خاطرة بعنوان { الفراشة العاشقة ...} بقلم الشاعر/ حكمت نايف خولي/ سورية/ حمص

الفراشة العاشقة
على وريقات نرجسةٍ حالمة ...
غطتْ فراشةٌ زاهيةٌ متأنقةٌ ... منمنمةُ الأشكال ..
تحمل على جناحيها ربيعاً تتماوجُ  فيه الصورُ والألوان ...
راحتْ تميسُ وترقصُ متهاديةً متنقِّلةً بين وريقاتِ النرجسة ....
أصغيتُ إليها فأحسستُ وكأنها تُرسلُ نداءاتٍ وآهاتٍ وتنهُّدات...
أُصبتُ بالذهولِ والاندهاش ..
رحتُ أُحملقُ غير مصدِّقٍ ما أراهُ.....
كانت رقصاتها وتنهداتها توحي وكأنها عاشقةٌ
متيَّمةُ وعلى موعدٍ غرميٍّ مع فارس الأحلام ...
أحسستُ بالخبلِ والدُّوارِ وأنا أشاهدُ عشيقَها يغطُّ فجأةً بقربِها ...
يبدآنِ طقوسَ الحب ....معزوفةٌ من التنهُّداتِ والتأوهاتِ
على وقعِ الرَّقصاتِ والقبلات.....
يتعانقانِ وتتشابكُ أجنحتهما بأجملِ ما تصوِّرُه الطبيعةُ
في لقاءِ العاشقين .........
ضمَّاتٌ وعناقٌ وقبلٌ تعبِّرُ عن أرقِّ وأعذب ِ
وأعمقِ العواطفِ والأشواق .....
بفطريَّةٍ وعفويَّةٍ تشعُّ منهما الملاحةُ والعذوبةُ والبراءة ...
حبٌّ وعشقٌ وغرامٌ كما أراده المبدعُ الأعلى
وطقوسٌ كما نظَّمتها الطبيعةُ الأمُّ الحنون ....
لم يتخفَّيا وراءَ أوراقِ الورد ِ والنرجسِ
ولم يخافا عيونَ الحسَّادِ والعواذل ....فهما لم يفعلا إثماً أو منكراً...
هما يحقِّقانِ مشيئةَ الخالقِ في مسرحيَّةِ الكون ...
غبطُّهما وتألَّمتُ كثيراً على أنفسِنا نحن معشرُ البشر ...
كم نحن نُخفي ونخنُقُ أحاسيسَنا ومشاعِرَنا .....
نغلِّفُها في أقنعةٍ من الزيفِ والنفاقِ
ونعلِّبُها في قوالبَ نتوهَّمُ أنها حضاريَّة...
نقيِّدها بالقوانينِ والمفاهيمِ والعادات....بالمحرَّماتِ والمحلَّلاتِ ....
وهذه كلُّها تُرغِمنا وتدفعُنا لنُزَيِّفَ أنفسَنا ونتقنَّعُ بألفِ ألفِ قناع .....
فلا تكادُ تخرجُ مشاعرُنا وأحاسيسُنا إلى مسرحِ الحياةِ إلاَّ وقد
ذبُلتْ وتلاشى أريجُها وأصابها العفنُ والنَّتنُ ......
هذه مأساتُنا وهذا ألمُنا نحن البشر ...
نموِّهُ ونشوِّهُ كلَّ جميلٍ في حياتِنا بابتعادنا عن عفويَّةِ الفطرةِ
كما أرادها الله ...وبانسلاخِنا عن بساطةِ ووداعةِ الطبيعة ِ
التي ترفضُ كلَّ تمويهٍ وتزييفٍ وتعليب ...
وهنا سرُّ شقائنا .....

حكمت نايف خولي
سورية  حمص

قصة قصيرة بعنوان {باثور رئيس المخفر ... } بقلم الكاتب القاص/ مصطفى الحاج حسين / سورية/ حلب

باثور رئيس المخفر ...

                  قصة : مصطفى الحاج حسين .

       في صباحٍ مشمسٍ ، وبينما كان رئيس المخفر ، ( أبو رشيد ) يجلس على كرسيه ، فوق المصطبة ، عند باب المخفر ، حيث كان يدخن ، ويتلهى بمراقبة القرية القريبة ، عبر منظاره الجديد ، وإذ به يلمح رجلاً قروياً يتّجه إلى العراء ، وحين ابتعد عن الأنظار ، تلفت يمنة ويسرة ، ثمّ رفع ( كلابيته ) على عجلٍ ، قرفص ، وخلال دقيقة تناول من قربه حصوة ، مسّح بها ثمّ نهض .
       استرعى هذا المنظر ، اهتمام رئيس المخفر وفضوله ، فصرخ على الفور ينادي ( الرقيب خليل ) ، ولمّا خرج إليه   ( خليل ) ، أمره قائلاً :
- إذهب إلى هناك .. وأشار بيده صوب القرية ، ناحية القروي ..
- أحضر ذاك البدوي بسرعة .
       امتطى( الرقيب خليل ) حصانه ، وانطلق صوب القرية مسرعاً .
       كان الرجل القروي ، قد اقترب من قباب القرية ، حين ناداه الرقيب :
- قف .. عندك  .. لا تتحرك .
       انبعثت رعشة عنيفة في أعماق القروي ، تلعثمت كلماته :
- خير ياوجه الخير !! .. ماذا تريد ؟!
- امشِ قدامي إلى المخفر .. هيّا تحرك .
       تضاعف الخوف في أعماق القروي ، وأراد أن يستفسر :
- ولكن لماذا ياوجه الخير .. أنا لم أفعل شيئاً ؟! .
       صاح( الرقيب خليل ) من فوق حصانه ، الذي لم ينقطع لهاثه ، بعد :
- تحرّك ياكلب .. قسماً سأنزل وأدوسك بحذائي .
- لكن ياسيدي ...
       لم يتركه يكمل كلامه ، فقد اقترب منه ، وهوى عليه بسوطه .. صارخاً :
- تحرّك .
       كان القروي يتعثّر بخطواته بين الفلاة ، والرقيب من فوق حصانه ، يحثّه مرّة على العجلة ، ويسوطه مرّة أخرى .
       اقترب من رئيس المخفر ، فتطلّع الرجل إلى ( أبي رشيد ) بهلع ، بينما كانت مفاصله ترتعش .. رمقه رئيس المخفر بنظرة صارمة ، ونهض :
- الحق بي إلى مكتبي .
       حين أغلق رئيس المخفر الباب على الرجل ، المرتعد الفرائض ، أيقن أن جريمة فظيعة ، سوف تنسب إليه .
       غير أن رئيس المخفر ، نظر إليه وابتسامة لزجة ارتسمت تحت شاربيه :
- ما اسمك ؟ .
- أنا ياسيدي .. اسمي .. ( خميس ) أبو حسين .
- أريدك يا أبا حسين ، أن تحدّثني بصراحة .
       واندفع ( خميس ) ليقسم لرئيس المخفر ، وكان الخوف قد بلغ ذروته :
- أنا والله لم أفعل شيئاً .
       ابتسم رئيس المخفر ، أدرك أنه رجل ذو هيبة ، يخافه الجميع :
- لقد شاهدتك
وأنت تقرفص ( وتفعلها ) بسرعة .
       علت الدّهشة وجه ( خميس ) همس كمن يقر بذنبه :
- نعم .. فعلتها .. لماذا أكذب ؟! .. ولكنني لم أكن أعرف أن هذا ممنوع .
       صرخ رئيس المخفر :
- اسمعني ياغبي .. لا تقاطعني .. الحكومة لا تمنع مثل هذه الأمور ، لأنها لا تعتبر من الأعمال السياسية .
       ثم استدرك محاولا شرح الموقف ، للمواطن ( خميس ) ، الذي لم يزايله الخوف حتى الآن :
- أنت - فعلتها - بسرعة ، وأنا أمضي أكثر من ساعة في المرحاض ، أريدك أن تساعدني حتى أستطيع أن - أعملها - مثلك ، بعجلة .. أنت لا تعرف كم أنا أعاني وأتعذّب كلّ يوم .
       بعد جهدٍ استطاع المدعو ( خميس ) أن يفهم مايريده منه رئيس المخفر ، ولأول مرّه يزايله خوفه ، ويتجرأ ويرسم على شفتيه اليابستين شبه ابتسامة :
- أمن أجل هذا أرسلت في طلبي ؟! .
- نعم .
- بسيطة .. ياسيادة رئيس المخفر .. القضية في غاية السّهولة .
       وهنا استبشر رئيس المخفر ، خيراً ، فهتف بفرحة :
- كيف ؟؟؟؟؟ .. قل لي .. أرجوك .. فأنا أتعذّب .. وأضيع معظم وقتي داخل المرحاض .
       تضاعف شعور ( خميس،) بثقته بنفسه ، فها هي الحكومة بكلّ جبروتها وعظمتها وهيبتها ، تلجأ إليه وتستشيره ، في قضية على غاية من الأهمية .. لذلك أجاب :
- أنا ياسيدي .. عندما أتضايق ، أحاول أن أؤجلها .. وكلما تضايقت أضغط على نفسي ، حتى - أحمّصها - ، وعندها أهرع إلى البريّة ، وخلال دقيقة أكون قد انتهيت .
       ابتسم رئيس المخفر .. شعر بالراحة والسعادة ، أخيراً سيضع حداً لهذا العذاب المضني ، وأقسم في أعماقه ، أن يكافئ ( خميس ) إن نجحت وصفته هذه :
- إذاً عليّ أن - أحمّصها - ، أليس كذلك ؟ .
- نعم سيدي .
       في اليوم التالي ، رفض رئيس المخفر أن يدخل دورة المياه ، قبل أن يغادر ببته . توجه إلى المخفر ، وهو يشعر بالضيق بعض الشيء ، لكنه سينفذ ماطلبه منه ( خميس)،  - سيحمّصها - .
       وحين دخل إلى مكتبه ، استدعى كافة عناصره ، كعادته ، ليشربوا الشاي .. لكنه سرعان مابدأ يتململ في قعدته ، فوق كرسيه ، ومع هذا كان يردد بداخله :
- ليس الآن .. عليّ أن أنتظر ، حتى - أحمّصها - ، ( خميس ) قال لي هذا .
       مضى كثير من الوقت ، وهو يثرثر مع عناصره ، محاولاً كبح مؤخرته ، عن الانفجار .
       أخيراً ، شعر بمغصٍ شديد ، مغص لا يقاوم ، كأنه الطّلق .. نهض عن كرسيه ، حاول أن يتجاوز كراسي عناصره بسرعة ، لكنّ صمام الأمان أفلت منه ، فها هو وقبل أن يفتح الباب يفرقع بقوة ، كانت ( ضرطته ) بقوة انفجار قنبلة .. أحسّ بالخجل الشديد ، لم يلتفت صوب عناصره ، الذين تغامزوا ، وضحكوا بعد خروجه .
       وفي الممر .. ممر المخفر الطويل ، وقبل أن يصل إلى بيت - الخلاء - حدث ما لم يكن في الحسبان ، لقد - فعلها - في بنطاله .. ياللعار .
       أقسم أنه - سيفعلها - في فم ( خميس)  ، حلف أنه - سيخصيه - ، سيدق رأسه ، سيرميه في الزنزانة ، وسيجعله عبرة لكلّ الناس .
       وبعد أن غير بذته العسكرية ، رمق عناصره بنظرات حادة وصارمة ، أخرست ضحكاتهم المكتومة ، أمر الجميع ، باحضار المجرم ( خميس ) .
       خرجت كوكبة من رجال الشرطة ، هرعوا إلى الاسطبل الملاصق للمخفر ، امتطوا جيادهم بسرعة ، لكزوا الخيول ، فانطلقت محمحمة باتجاه القرية .
       حاصروا بيت المدعو ( خميس ) ، صاحب النصائح الكاذبة ، المخادعة ، داهم ( الرقيب خليل ) ، وبعض العناصر ، القبّة الكببرة ، انطلقت صرخة ذعر من امرأة ، كانت تغتسل عند العتبة ، حاولت أن تستر عريها ، لكنّ ( الرقيب خليل ) الذي حاول أن يتراجع ، كان يحدّق بانشداه تام ، إلى هذا الجسد العاري المثير ، والذي تفوح منه رائحة الصابون ، وبخار الماء السّاخن ..وتحيّرت عيناه أين ستركزان النظر ، على النهدين الصاعقين  ، أم على الفخذين المكتنزين .
       صاحت المرأة ، لتوقظه من دهشته ، واشتعال شهوته :
- ماذا تريدون ؟! .

       زأر ( الرقيب خليل ) ، المتأجج بشهوته :
- نريد .. المجرم ( خميس ) . صاحت وهي تحمي نفسها ، بثوبها :
- هل صار زوجي ( خميس ) مجرماً .. ماذا فعل .؟!
       ثم أردفت :
- هو ليس هنا .. غير موجود .. نزل إلى حلب .
       مدّ ( الرقيب خليل ) رأسه أكثر ، ليستجلي المكان بدقة ، وكانت نظراته تنهشان الجسد العاري ، رغم تستر المنطقة المهمة بالنسبة له ، واستطاع رفاقه أن يدلفوا جميعهم ودفعة واحدة ، إلى القبة الطينية ، تسبقهم شهواتهم المتقدة بقوة .فصرخ ( الرقيب ) بوجه المرأة ، ليطيل الوقت أكثر :
- إذاً فعلها زوجك ( خميس ) وهرب .. ولكني سأجده ، وحق المصحف .. سأجده .. لن أتركه يفلت منّي .
     شعرت المرأة بذعر شديد .. وكانت قد نسيت ماعليها من عريّ .. سألت :
- ماذا فعل ( خميس ) .. أخبروني ؟!.
- المجرم خدع رئيس المخفر .. وهرب .
       عندما عاد عناصر الشرطة ، بقيادة الرقيب ، إلى المخفر ، وكان قائدهم بانتظارهم غير مصطحبين معهم  غريمه القروي ، ثار عليهم وراح يوبخهم ، لأنهم عادوا من دون ( خميس ) ، مبالغاً بغضبه، لكي يواري خجله منهم ، ولأنه لم يعد يطيق أية نظرة توجه إليه ، من أحد عناصره ، فقد عاد وأمرهم أن يخرجوا إلى الطريق ، وينصبوا كميناً ، بانتظار ( خميس ) ، وأقسم لهم بأنه سيعاقبهم إن لم يستطيعوا القبض عليه اليوم .
       حين وصل ( خميس ) مكبلاً ، مدمى الوجه ، وممزق الجسد ، وكان هو الآخر قد - فعلها - في بنطاله من شدّة خوفه وهول ماتلقاه من ضرب مبرح ، حين قبضوا عليه ، بعد أن نزل من السيارة ، العائدة من حلب .
       ولمّا صرخ رئيس المخفر بوجهه الشديد الشحوب :
- أتضحك عليّ ياصعلوك ؟! .
       رد بصوت منكسر ، فيه من الخوف والرجاء الشيء الكثير :
- ولكن ياسيدي .. أرجوك أن تدعني أشاهد البنطال .
       استغرب رئيس المخفر طلبه هذا ، لكن ( خميس ) أصرّ وكرر رجاءه .. باحضار البنطال .
       فأمر رئيس المخفر عناصره  ، و على مضض منه ، باحضار البنطال فوراً .
       وحين أمسك ( خميس ) بالبنطال المبلول ، والكريه الرائحة ، نظر إليه ملياً .. قربه منه .. تفحصه بشدة ، تشممه .. وعاود الشمّ ، ثمّ مدّ أصبعه ، وأخذ من البنطال عينة ، ورئيس المخفر وعناصره ، يراقبونه ، باندهاش وحيرة ، ثم فاجأهم ( خميس ) حين وضع أصبعه وما عليها من براز ، في فمه ، حيث لحس أصبعه ، تذوق ماكان عليها ، ثم التفت إلى رئيس المخفر ، وقال:
- أنا قلت لك ياسيدي ، أن - تحمّصها - ولكنك ياسيدي .. أنت للأسف الشديد ، قد أحرقتها  ، وهذا ليس ذنبي .

                       مصطفى الحاج حسين .
                           سورية  حلب

قصيدة بعنوان { ذكرى يوم الارض ال 41/ الشهيد ... } بقلم الشاعر/ طه دخل الله عبد الرحمن /فلسطين/ الجليل/لبعنة

ذكرى يوم الارض ال 41
الشهيد
لقد آمن بالنضال                                    
ومضى إلى العلياءِ                                        
لا يخشى المحالْ                                          
فاحمل سلاحك يا أخي                                    
وانتصب نحو القتالْ                                      
واجعل جراحَك أوسمة                                    
لا تُبالي للدماءِ وخلّها                                    
فالدمُ عزٌّ حيث سالْ                                        
إن جرحَك وردةٌ                                           
خلّها في أضلُعك                                           
فاجعلْ جراحكَ قافية                                      
غنّها في مصرعك                                         
غنّها  إن عهدَ الذل زالْ                                    
يا من آمَنَ بالحِراب                                       
ومضى إلى العلياءِ                                        
يستجدي الهممْ
قد كنتَ ذا همةٍ
بلغتَ بعزمها كلّ القمم
فارفع بمجدك مكانةَ أمةٍ
تاهت ما بين الأمم
أنت الذي ما استسلما
أنت الذي لم تثنهِ نارُ الألم
يا من آمنَ بالحِراب
اصدح بصوتك في المدى
نحنُ شعبٌ ثائرٌ
ما ضاقَ يوماً بالردى
ما متَّ يا رفيقي بل سَما
في موطني نورَ الهدى
ما متّ يا شهيد فانتظر
ثورةً تحت الثرى

طه دخل الله عبد الرحمن
البعنه == الجليل==فلسطين

قصيدة بعنوان { هلَّ الربيع } بقلم الشاعر/ رجب الجوابرة/فلسطين/ القدس

هلَّ الربيع ــــ بقلم الشاعر رجب الجوابرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولّى الشتـــاءُ وأنهى الجــــوَّ تبريدا
مثل الصــــيامِ فيُبـــقي خلفهُ عيـــدا

ولّى الشـــتاءُ وما أقـــــسى برودتهِ
موجاتُ بردٍ تزيد الجـــوَّ تجمـــــيدا

تكسو الجبالَ ثلـوجاً في مشارفــــها
والريحُ تعصفُ بالأشجارِ تجـــريدا

والطيرُ يبقى حبيـــساً في مخــــابئهِ
يهفو اشتياقاً لملء الكــوْنِ تغــــريدا

والناسُ تلجأ للأصـــــوافِ تلبسُــــها
عبءٌ ثقيلٌ على الأجـــــسادِ تقــــييدا

والشمسُ تهربُ خلف الغيمِ تعكـــسهُ
مثل العروسِ غطاءُ الوجــهِ تقلــــيدا
*****
هلَّ الربيــــعُ وما أحــــلى معالـــــمه
والجوُّ يحلو صفاءً .... فيهِ تعـــــويدا

والشمسُ فيهِ تجلــت حينـــما بزغــت
مثل العروسِ أنارت حـــولها الغيــــدا

والبدرُ مثلَ عــريسٍ حيــــن يكتـــــملُ
بيــــــن النجـــــوم زفافاً فـــــيهِ ترويدا

والليلُ بعدَ غيــاب الشــــمسِ يغـــمرنا
يحلو التمتعُ بالأجــــــواءِ .... تحـــديدا

والنارُ تنهي اشتــــــعالاً من مدافــــئها
والبردُ يبدو خفيفاً .... دون تشــــــديدا

والثلجُ أضحى بقايا .... في مخــــابئهِ
والنبعُ يلفــظُ ماءً .... فــــيهِ تبـــــديدا
****
جاء الربيــــعُ .... بأزهــــــــارٍ ملوّنةٍ
والأرض .. تحت بساط العشبِ تمديدا

والحقلُ يزهو بهاءً .... في حبــــــائلهِ
ألوانهُ .... كثـــــياب العـــــرس تأكيدا

والزهرُ يظهرُ للعشــــاقِ .... يبتـــــسمُ
نحو التبادل بالأشـــواقِ .... تصعيــــدا

والليلُ يرقبُ ... سيــر الوقــتِ يغمرهم
عند الفــــراقِ معـــــاناة .... وتنهيـــــدا

والزهرُ يبعثُ في الأجــــواءِ موعـــدهم
نحو اللقاءِ .... بنفـــس الوقـــــتِ ترديدا

والكرمُ يصحو قبيل الفجر .... مبتهجاً
غنى الربيعُ .... مع الأطيارِ تغــــريدا
*****
البدرُ يعطي صفاء الليلِ .... منظـــرهُ
والنورُ عند سهــــارى الليل منشـــودا

وفي الصباحِ ... شروق الشمسِ يعقبهُ
جوٌ جميلٌ على الأرياف ... مشهـــودا

صوت الدواجن للمرعى .... تسمّـــعهُ
لحن الطبيعة ... للمــــــولى أناشيـــــدا

صوت الطيورِ على الأشجــار تعـــزفهُ
نحن العبــــــيدُ .... وأنت اللهُ معبــــودا

أللهُ أعطى لهــــذا الريفِ .... ينصــــفهُ
أنت البديعُ لهـــــذا الكـــــوْنِ تشييــــــدا

أنت الذي خلق الإنســـــان من علــــقٍ
جعلتهُ لعمـــار الأرض .... تجسيــــدا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البحر البسيط
رجب الجوابرة
فلسطين القدس

خاطرة بعنوان { نحن والحزن } بقلم الكاتب/ جمال أبو ريا /فلسطين/ الجليل/سخنين

نحن والحزن

نحن كتلة واحدة ولدنا سويا ونعيش ملتصقين كتوأم سيامي، لا نحن نستطيع الانفصال عن الحزن ولا هو يقبل أن يبعد عنا. نبرع بسرد الحزن، ونتقن سرد حكاياته ورواياته. نبرع في تعظيم الفرح الواهم لنختمه بطامّة كبرى.

وحكاياتنا على عكس كل الحكايات الأخرى تبدأ بالفرح وتنتهي بالترح، لتبقي طعم المرارة ملتصقا بالفم والحسرة ساكنة في القلب حتى حكاية أخرى، تذيقنا حلاوة في البداية ننسى معها مرارة الحكايا السابقة، وتنفرج بها أسارير القلب لتعود مرة أخرى وتقصم ظهورنا بحزن أشدّ ومرارة أقوى، تجتمع فيها مرارةَ ما سبق من حكايات وقصص.

نحن منذ ولادتنا باكيين، وفي طفولتنا تبرع الجدّات والأمهات في تلقيمنا الأسى ضمن حكايات خرافية يحبكون الوجع فيها بكل مرارة ويجعلون في النهاية سعادة غير منطقية لا تكفي حلاوتها إلا لنخلد للنوم لنستيقظ صباحا وقد ذابت الحلاوة كأن لم تكن، وبقيت المرارة تسكن حلوقنا.

في مراهقتنا، نحب الوهم ونبرع في الكتابة للحبيب الوهمي الذي جفانا، ونبكي لسماع أغنيات الهجران والحرمان، ولا تشدنا أغنيات الفرح فهي سطحية مبالغ في فرحها، ولا تلامس الحزن في دواخلنا.

ونقرأ بتمعن، بل نعيش، روايات الخيانة، والعذاب وقصص الحب غير المنجز بكل تفاصيلها، لنكبر ونصبح شبابا نلوك مرارة الأيام، ونبلعها غذاءاً يومياً ضرورياً للحياة، فلا نرى في الأفراح سوى سفاسف الحزن، ونتبع الضحك بدعوة ان يكفينا الله شرها، ولا نفكر في تحقيق الإنجاز سوى في المخاطر التالية من حسد أو حقد أو فشل، فلا نتذوق الفرح ولا نتوقف عن أكل الحزن.

وعندما تأتي الشيخوخة، فإننا نجتّر ما في قلوبنا من حزن ومرارة لنلقمه للأجيال الناشئة التي لم ترَ من الدنيا فرحا بعد أو حزنا، لتستمر مرارة الحزن في الدوران جيلا بعد جيل.

ألا يكفينا ما نعيشه في واقعنا من مرارة الأيام وسوادها لنهرب منها لما هو أقسى؟ هل نعيش واقعا جميلا مثاليا فنحتاج لحكايات تعرّفنا أن هناك طرف آخر يسمى القهر والحزن والكآبة؟ أم أننا غرقنا في الهموم وتجرعناها منذ الصغر فلا نستطيع أن نتخيّل أنّ هناك شيئا آخر يسمى السعادة؟

حتى الدعوة إلى الله اقتصروها على الترهيب، ونسوا أو تناسوا أن لها شقيقة توأما تسمى الترغيب، وأن من لا يذهب إلى النار يذهب إلى الجنة.

ويحضرني في هذا المقام تساؤل نزار قبّاني:

ما للعروبةِ تبدو مثل أرملة = = أليسَ في كتبِ التاريخ أفراحُ؟

جمال أبوريا
فلسطين الجليل  سخنين