الأحد، 19 مارس 2017

دراسة بعنوان { سمات العالمية في لغتنا العربية } بقلم الأستاذ الأديب والشاعر حيدر وطن.....سورية /سلمية

(سمات العالميّة في لغتنا العربيّة)

" إنّ اللغة العربيّة فـي نضالهـا مـن أجل قوميّة اللغة, اصطدمت بعد الفتوحات الإسلاميّة, باللغــات الّتي كانت سائدة في البلاد المفتوحة مـن إغريقيّة,وآراميّة, وعاشت صراعـاً طويلاً خرجت فيـه منتصرةً ولم تتأثّر بشيء مــن خصائص هــذه اللغات. أمــا اللغة اللاتينيّة فلم يكن لها وقت اتّساع الفتوح الإسلاميّة قدم ثابتة فــي الشّام أو مصر, بل كـــان المصريّون يتكلّمون القبطيّة, وكــذلك الشّأن حيـن اصطدمت العربية بالبربرية في شمال إفريقية ".ويتـابع الدكتور إبراهيم أنيس: " إنّ اللغة العربيّة انتصرت في كلّ معاركها وصولا إلى نهضتها الأدبيّة القوميّة.
ومنذ تلك النهضة اتّسمت بسمات اللغة العالميّة لأسباب عـدّه:
أولّها: إنّهـا لغــة ديمقراطيّـة, لا تخــاطب الكبير بخطاب والصّغير بخطــاب آخــر, ولا تخلط بين ضمير المفرد وضمير الجمع. قـال تعالى : ( أنــا ربّكم الأعلى ) ويقول الرّسول (ص) : ( إنّمـا أنــا بشرً مثلكم ).ويقول لـه النّاس: ( مــا أنت إلا بشر مثلنا ).إلى غير ذلك مـن أسباب أصيلة في العربيّة, سوّت بين النّاس في الخطاب, والغيبة, والتكلّم ".
ثانياّ: ومن سمات عالميتها أيضا سعة انتشارها, واصطناع شعوب عـديـدة لهاو هذا من خلال الطّباعة والنّشر والتّرجمة منها وإليها,وقد تساءل الكاتب والمترجم روايات  عن اللغة الفرنسيّة(حسن عودة) في الملحق الثّقافي لجريدة الثّورة بتاريخ 4/3 /2017لهذا العام.. ؟تساءل بقوله:  (هل تستطيع لغتنا أن تسعف الترجمة في أداء المهمة التي تتصدّى لها ؟ وهل تستطيع مواكبة اللغات الأوروبيّة في التّرجمة ؟ الحقّ أنّ اللغة العربيّة بشهادة العارفين من أبنائها ومن غير أبنائها هي طليعة اللغات العالميّة غنىً وبلاغة وطواعية وسلاسة ودقّة بيانٍ وملائمة لمختلف الأغراض، ومواتاة لمقاصد الفكر،حقيقة ومجازاً ًوكناية .ولا نجد لغة من اللغات أمدّت العلوم والآداب والفلسفة والقانون والأديان أحقاباً طويلة بمعينٍ لا ينضب، وزودتها بكنوزٍ لاتحصى بمثل ما قامت به اللغة العربيّة فهي الوحيدة التي لم تقطع صلتها بأصلها  فألفاظها تحاكي أصوات الطّبيعة كصفير الرّيح وفحيح الأفاعي ودمدمة الرّعد والحفيف والخرير والصّهيل والرّغاء. وهي تحفل بتعابير تصويرية مشتقة من مفرداتٍ، تذكّر بأوراق الزّهر والحجارة الكريمة ولمعة الحرير وبريق السّماء ). هذا  وقد انتسب كثيرً من الطلاب الأجانب إلى جامعاتنا ومعاهدنا, يتلقّون فيهــا العربيّة, لتنطلق لغتنا بين أمم الأرض فتكون عالميّة الإنتشار . فالعربيّة أكبر اللغات السّاميّة من حيث عدد المتحدّثّين بها ،وقد بلغ   / 422/ مليون نسمة يتوزعون في الوطن العربي والدّول الأجنبيّة المجاورة والبعيدة . ويبدو  أنّ التّواصل الحضاري بين العرب وغيرهم من الشّعوب, بدأ يعطي ثماره, ويفتح الباب على مصراعيه باتجاه عالميّة لغتنـا العربيّة, وتأثيرها في لغــات الشّعوب الأخرى. وقـد ذكر الدكتور عبدالله أبو هيف في كتاب له نشرحديثاً عن وزارة الثّقافة, بعنوان: (العرب والحوار الحضاري) ضمن سلسلة كتب ( حلب عاصمة الثّقافةالإسلاميّة ) وتحديداً فــي الفصل الرّابع منــه الذي بحث فيه التّواصل الحضاري العربي الإفريقي من , وأنهى هــذا الفصل ( بالهوّية واللّغـة ) بقوله : " هذه القضيّة التي أثيرت, في صدر تحديّات التّواصل الحضاري الذي ينهض على التنمية الثّقافيّة والمعرفيّة الدّاعمة لتعالقات الذّات والآخر, وقد اعترف الأفارقة والعرب بمكانـة اللّغة العربيّة في لغــات إفريقية وثقافتهــا, كالعلاقة بين الحــاميّة والساميّة, وعـلاقة اللغـة العربيّة  باللغتين السواحليّـه والهوسا. حيث ذكــرت الدّراسات اللغويـة الافريقيّة, أن نحـو ثلاثين لغة إفريقية كتبت بالحـرف العربي, ومحـاولة الإستعمار  إقصاءها, لتكتب هـذه اللغات بالحرف اللاتيني, كما وظّف الحرف العربي فـي الحياة, والتعليم,ومحـو الأميّة, والعقود المدنيّة بين الأفـراد, وفي المكاتب, والرّسائل الخاصّة والشّعر المحليّ, ولا سيّما الأشعار الدينيّة والشّعر الشّعبي ".
وأما السّمة الثّالثة لعالميّة العربيّة, فهـي: أنّها وفـــي أوج نهضتها قــد رحّبت بكثير مــن الألفاظ, التي اقتـرضتهــا من اللغــات الأخـرى, واستغلّتــــــها في المصطلحـات العلميّة ولغة الكلام. ولكنّهـا لم تسمح لها إلا فـي النّادر باقتحام حصون الأدب العربي. وفي هـذا المجـال رأي للدكتورة بنت الشاطئ,تردّ فيه على مــن ادّعى أنّ اللغة العربيّة لا تصلح أن تكون لغة علوم: " أرى أنّ لغتنــا العربيّة, قـد سايرت التقدّم العلميّ, فاستطاعت في فجر العصر الحديث عندنا, أن تأخذ دورها في مدارس العلوم العسكريّة, والهندسيّة, والطبّ والزّراعـة ". وشارك علمــاء اللغة في هـذه النّهضة العلميّة, فكــان منهم خبـراء فــي تحرير الكتب العــلميّة وتصحيحهــا, مثل( محمـد عمر التونسي مؤلّف معجــم الشّذور الذهبيّة فــي الألفاظ الطبيّة ), ورفـاعـة الطهطاوي, وأحمـد فارس شدياق, والمعلّم بطرس البستاني في ألفـاظ الحضارة والفنون. ولعلّ الانجاز الضّخم, الذي يعدّه اتّحاد مجامع اللغة العربية وهو: " إنشاء معجم تــاريخ اللغة العربيّة ", الذي يتتبّع نشأة الكلمة, ويرصد التغيّرات التي طرأت على معانيهــا عبر العصور, فــي الاستخدامات والمجــالات المختلفــة, سوف يسهم فــي تطوّر اللغـة العربية وسرعة انتشارها,لتكون لغة عالميّة.

حيدر وطن
سورية سلمية
في /10/3/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق