قراءة في آية النور ( 5 )
.. مراحل الإدراك تلك التي قرأها "الغزالي" في آية النور استلهمها "زكي نجيب محمود" لتكون هي الخريطة التي يهتدي بهديها في دراسة وتحليل الثقافة العربية، ومما شجعه على ذلك أن الفيلسوف البريطاني "ألفرد نورث وايتهد" وهو من فلاسفة التحليل المنطقي الوضعي قد اعتمد في كتابه "أهداف التربية" النظرة ذاتها إذ رأى أن مراحل النمو العقلي عند الإنسان ثلاثة : في الأولى يتميز الطفل بعفويته
وفي الثانية يضع القواعد التي تنظم له حصاد المرحلة الأولى
وفي الثالثة يجمع أشتات القواعد تحت مبادئ أكثر تجريدا وتعميما.
هنا الشبه واضح بين تقسيم "الغزالي" وتقسيم "وايتهد":
ففي الحالتين يبدأ الإدراك عفو البديهة
ثم ينتقل إلى التنظيم بالقواعد
ثم إلى إدراك المبادئ الأعم
ويضيف الغزالي بعد ذلك مرحلة - رابعة - موجهة بقوة الإلهام.
فالمشكاة، والمصباح، والزجاجة، والزيتونة هي عند "الغزالي" درجات من الوعي تتصاعد وتزداد كشفا ونفاذا.
وهي عند "زكي نجيب محمود" - هيكل - خريطة يسير خلاله لاستكشاف خواص الثقافة العربية عبر مراحل تشكلها وسط هذا الإرث الثقافي العريض والممتد من القرن الهجري الاول وحتى القرن الخامس
وهي عند " وايتهد" أسس يقوم عليها تقسيم التعليم إلى مراحل يتلو ويكمل بعضها بعضا، ولكن ليتوقف هذا الأخير عند المرحلة الثالثة، ويجاوزها "الغزالي" إلى التصوف بكل ما يعنيه هذا المفهموم عنده من معان.
جميلة الكجك
الأردن عمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق